مدار الساعة - ليث الجنيدي/ الأناضول - على مساحة تبلغ نحو 720 كم2، تقع محمية وادي رم الطبيعية جنوبي الأردن، وتضم نحو 65 رأسا من حيوان المها العربي المهدد بالانقراض، جرى البدء بإعادة توطينها منذ عام 1999.
على مسافة 55 كيلو متراً عن مدينة العقبة، أبحرت الأناضول وسط صحراء تلك المحمية، في رحلة استمرت 2.5 ساعة، باستخدام سيارات الدفع الرباعي؛ للوصول إلى تلك الحيوانات والاطلاع على واقع معيشتها، والتي باتت تحقق في وجودها توزاناً للبيئة وحفظاً للطبيعة.
علي الحويطات، حارس المحمية|، وكنيته "أبو عادل" (66 عاماً)، كان رفيق الدّرب في رحلة البحث عن قطيع المها داخل صحراء المحمية، ودليلاً عارفاً في أدق التفاصيل، لا يفوته شيء دون أن يقدم فيه توضيحاً ينم عن خبرة عميقة بخبايا المكان.
بحر من رمال الصحراء لا تكاد تجد لها نهاية، لكن أبو عادل أكد لمراسل الأناضول بأن قطع هذه المسافة لن يذهب سداً، والهدف أصبح قريباً.
استرسل الستيني الأردني في حديثه، ودون سابق إنذار وعلى حين غرة، أوقف كلامه، وقال: "وصلنا، ها هي المها هناك، أتراها؟".
حدة نظر
لم يكن رؤيتها بالأمر السهل، إلا أن عيون أبو عادل وحدة نظره التي اعتادت الإبحار والغوص في تفاصيل الصحراء، كانت كافية ليتم تأكيد مقولته : "أنظر هناك إلى النقاط البيضاء التي تتحرك، إنها المها"، مخاطباً مراسل الأناضول "أكمل مسيرك".
وبالفعل تم الوصول إلى الهدف المقصود، إنها عشرات من رؤوس المها العربي، والتي تقف إلى جانب بعضها البعض، لتشكل بألوانها ناصعة البياض لوحة جميلة، وتكسر بها شعاع الشمس الساطع على صحراء وادي رم.
التأسيس
صالح النعيمي، مدير منطقة وادي رم، التابعة لسلطة منطقة العقبة الخاصة، قال للأناضول: "إن المحمية تأسست عام 1999، بمساحة 720 كيلو مترا مربعاً، وأُعلنت عام 2011 كموقع تراث طبيعي وثقافي مختلط على قوائم منظمة اليونيسكو".
وأشار، أن ذلك القرار جاء "لوجود أكثر من 24 ألف نقش صخري، و 20 ألف صورة صخرية تعود إلى أكثر من ألفي عام، وتعتبر شواهد على وجود الاستيطان البشري قبل أكثر من 12 ألف عام".
التنوع الحيوي
وتابع "عام 1999، وكأحد أهداف المحمية في الحفاظ على التنوع الحيوي في منطقة وادي رم، تمّ العمل على مشروع إعادة إكثار حيوان المها العربي، باعتبار منطقة وادي رم بشكل خاص، أحد مواقع الانتشار الطبيعي لهذا الحيوان، والنقوش الصخرية بالمكان تؤكد ذلك".
وبين "تم جلب 10 رؤوس من محمية الشومري (110 كيلو مترات شرق العاصمة عمان)، والعمل على إعادة إكثارها، وعام 2008 تم إضافة أعداد أخرى من الرؤوس عن طريق هيئة البيئة الحكومية في إمارة أبو ظبي بالإمارات؛ بهدف إدخال عناصر جديدة للقطيع ولضمان استمرارية توالده وتكاثره".
وأوضح "المها موجود الآن في إطلاق شبه طبيعي، والقطيع يزيد عدده على 65 رأساً، وتكاثره يختلف من عام لعام بالنسبة للمواليد".
واستدرك في ذات السياق "التكاثر يعتمد على عدة عوامل، منها :الموسم المطري والذي بناءً عليه تتكاثر الأعشاب المستساغة لهذا الحيوان، والعامل الثاني وجود بعض الحيوانات المفترسة كالذئب العربي الذي عادة ما يستهدف مواليد المها الصغيرة".
سياحة بيئية
وأكد النعيمي، أنه "من المفروض أن يكون هذا القطيع والمنطقة الموجودة نواة لمشروع سياحي بيئي؛ لاستقبال الزوار ومشاهد المها في موئله الطبيعي بوادي رم".
ولفت "حالياً، يُمنع دخول المنطقة المسيّجة ومساحتها 30 كيلو متراً، والزيارات غير متاحة، ولكن نحن نعمل على تصميم منتج للسياحة البيئة عبر إدخال الزيارات للسياح على مسيجات المها باستخدام الخيول او الإبل".
واعتبر أن ذلك "سيكون لعمل نوع من أنواع سياحة المغامرة، والاطلاع على النقوش والمسارات البيئية، وممارسة المشي، والاطلاع على خليط من المنتج السياحي بالمكان، والتعرف على الأعشاب ومصائد المياه الطبيعة المتواجدة فيه، بالإضافة إلى مشاهدة قطيع المها، وهذا البرنامج سيكون بالتشارك مع أبناء المنطقة لمعرفتهم بكل تلك التفاصيل".
و"المها العربي" هي أحد أنواع الظباء المنتمية لفصيلة البقريات، والمهددة بالانقراض؛ جراء عمليات الصيد، وقلة المساحات الرعوية الخاصة بها.
وتقع منطقة وادي "رم" التي تبلغ مساحتها 74 ألف هكتار، جنوبي الأردن بالقرب من الحدود مع السعودية وهي عبارة عن صحراء متنوعة التضاريس تشمل مجموعة من الأودية الضيقة والأقواس الطبيعية والمنحدرات الشاهقة والطرق المنحدرة،