في الولايات المتحدة الاميركية هناك معركة تدور في الكونغرس يريد احد اطرافها - الادارة - رفع سقف الدين اما الطرف الاخر - الجمهوريون - فيعارض هذه الفكرة ويشترطون تخفيضات في الميزانية..
الرئيس الأمريكي جو بايدن يدفع باتجاه رفع السقف، فهو لا يريد ان تتخلف بلاده عن سداد الدين العام حتى الآن عند 31 تريليون دولار، وهو رقم قياس لكل الديون السيادية في العالم بالقيمة المطلقة.
لم يشهد مجلس النواب في الاردن مثل هذه المعركة رغم ان الحكومات تجاوزت منذ وقت طويل سقف الدين المحدد بقانون الدين العام فقد كان كافيا ان يتخذ مجلس الوزراء حقه في مثل هذا القرار !.
في قانون الدين العام مادة تحظر على الحكومة أن تتجاوز المديونية 60% من الناتج المحلي الإجمالي وتنص المادة على حق مجلس الوزراء في تحديد تاريخ بدء سريان تطبيق هذه المادة، وحصل ذلك فعلاً، لكن حكومة سابقة تجاوزت السقف وقامت بتأجيل البدء بتطبيق هذه المادة، لم ينص قانون الدين العام على عقوبة لمخالفة المادة الخاصة بسقف المديونية، وحيث أنه لا عقوبة بدون نص، فإن السقف القانوني للمديونية لا يزيد عن كونه ملزما ادبيا.
المشكلة ليست في سقف الدين بل في الحكومات المتعاقبة التي فتحت الحنفية, تحت مظلة تجميد العمل بالسقف.
قانون إدارة الدين العام ينظم سياساته واستراتيجياته وأهدافه قصيرة الامد وطويلة الامد لكنه في ذات الوقت يحدد سقفا يحظر تجاوزه عند 60% نسبة الى الناتج المحلي الإجمالي.
ترتفـع المديونية لأن النفقـات العامة في الموازنة ترتفع أكثر من الزيادة في الإيرادات، وهو ما يرتب عجزا يمول من القروض فما معنى وجود السقف في قانون الدين العام ما لم يتم الالتزام به؟.
عندما هبطت المديونيـة إلى 60% من الناتج المحلي الإجمالي، كان هناك من يطالب بتعديل قانون الدين العام بتنزيله فما هو رأيهم اليوم؟ هل سيطالبون برفعه؟..
ما يجري هو أن نفقات الحكومة تزداد ويزداد معها خلق الوظائف في القطاع العام والأخرى المدعومة من الخزينة في القطاع الخاص, فما هي مصادر التمويل إن لم تكن المنح والقروض.
السقف القانوني لا يعني شيئا، ما دامت الحكومات جاهزة لتجاوزه.
لا تكمن المشكلة في حجم المديونية، ولا في تجاوز السقف القانوني للمديونية وهو 60% من الناتج المحلي الإجمالي، بل في زيادة الاقتراض لعجز الحلول.
السقف في قانون الدين العام أصبح رادعا معنويا يرفعه النواب وغيرهم في وجه الحكومة بهدف النقد غير المفيد, ما يعني أن الكوابح غير فعالة حتى بالنسبة للنقاد.
حكومة تذهب واخرى تأتي لترث دينا ثقيلا وفي ذلك يقال ان القدرة على السداد هي الفيصل.