المطرب اللبناني؛ وليد توفيق، بتعرفوه، الذي لم يقم بزيارة الأردن «حسب آخر معلوماتي» منذ حوالي 10 سنوات، بعد ان كان يعتبرها بلده الثاني، حيث أتذكر تماما الموقف الذي أغضبه آنذاك، وكانت إحدى مؤسساتنا وجهت له الدعوة لحضور احتفالها بمرور (أبصر قديش) على انطلاقها، وكرمت مبدعين، لكنها لم تلتفت لوليد توفيق، بل إن منظمي الحفل لم يجلسوه في مكان يليق به، وكنت قد تبادلت حديثا معه تلك الليلة، وحين شاهد هذه المعاملة.. غضب و»اقفى»..
المهم ان وليد كان قد غنى أغنية في نهاية ثمانينيات القرن الماضي مطلعها (تيجي نقسم هالقمر مناصصة.. يعني أنا نص وانت نص)، وإني أجد الظروف اليوم على صعيد شكل وميول وثقافة نخبتنا المزورة، تشبه تلك الحفلة التي أغضب منظموها توفيق، ولم أجد تعليقا يجمع بين المعنيين سوى تيجي نقسم البلد.. أنا حزب وانت حزب!.
هناك نوع من البشر الذين تعرضت عملية نموهم وتطور فهمهم الوطني لطفرة ما، جعلتهم يخرجون من مراحل التطور التالية، ويتحولون أو يتحورون إلى ما يشبه نباتات نسميها «ذات الفلقتين»، والغريب العجيب المريب والعصيب تفهمه و»هضمه» على الناس الطبيعيين، أن ذوات الفلقة والفلقتين يجدون لأنفسهم مكانا قريبا من صناع القرار، وذلك رغم تواضع بل وبؤس قدراتهم وانحرافهم الخلقي والفكري والنفسي (الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيراً من عباده)، حتى إن بعضهم اتخذ اسما حركيا مشتقا من فصيلة ما من فصائل الحيوانات!.. أكرمنا وأكرمكم الله.
هؤلاء لا يمكنهم تقبل الآخر، ولا يؤمنون بتعدد الأمزجة والأشكال والآراء، وأعتقد أن ثمة في قيعان تلافيف أدمغتهم، فهما غريبا لما يجب أن يكون عليه الناس في البلاد، وبما أنهم من ذوات الفلقتين فهم لا يؤمنوا الا بأبيض وأسود و»فسطاطين»، باعتبارهم ناصعي البياض، مستنيرين، خارقين في مجال يعتقدونه مجالهم.. تجدهم في اوساط السياسة والاقتصاد والتعليم والصحافة والمعارضة والمناطحة والمباطحة.. وفي مجال الاستلقاء على البطن أيضا، فهو بدوره أصبح اختصاصا مع هيك وضع.
المشكلة أن مسؤولين في الصفوف المتقدمة ألِفوا وجود هؤلاء حولهم، بل وأصبحت تربطهم علاقات «تعايش» عجيب، تجمع من هو مكلف بأمانة المسؤولية بشيء ما حتى لا أقول تجمعه بشخص، شيء.. لا يؤمن بوجود غيره الا كعدو له، ينافسه المكاسب والمناصب والعظام وبقايا الطعام، ولا يحق له الانتساب لفصيلته التي تؤويه وتحويه وتحوي من هم على شاكلته.
الدنيا وقبلها الدماغ والعقل، كلها فسيحة، وقابلة للاتساع ما دامت النفوس أردنية طيبة، لكنها كلها تضيق وتضيق معها البلاد حين يتكاثر هؤلاء حول المسؤولين وحول الموائد وال»فطايس».. أجلكم الله، ومسخ الله كل قميء وعميل دخيل.
اقسموها لفلقتين، أو نصفهما، فلا يليق بكم الا الكسور والفتات مهما أبحرتم في علوم التصنيفات والفئات.