مدار الساعة - قرر مجلس الوزراء العراقي الثلاثاء السير باستئجار قطعة أرض في محافظة الأنبار، لإنشاء المدينة الاقتصادية المشتركة بين الأردن والعراق على مساحة 4800 دونم.
ووافق المجلس على تحديد قيمة بدل الإيجار لمساحة الأرض بنحو 10 ملايين دينار للدونم الواحد، وبنسبة 2% لإنشاء المدينة الاقتصادية المشتركة بين الأردن والعراق بوصفه مشروعا استثماريا.
عاد الحديث في الأشهر الماضية عن المنطقة الحرة الأردنية العراقية، ومن ثم المدينة الاقتصادية المشتركة على حدود البلدين، الذي انطلق العمل فيهما بعد طرح العطاءات.
في فبراير الماضي، أعلن وزير الصناعة والتجارة الأردني يوسف الشمالي من بغداد على هامش منتدى الأعمال الأردني- العراقي، أنّ طرح العطاء سيكون متاحا أمام الشركات الأردنية والعراقية والمجتمع الدولي لتنفيذ المدينة التي تقام على حدود البلدين.
في حين أكد رئيس غرفة تجارة الأردن فتحي الجغبير، أنّ الأردن يرتبط بشراكة اقتصادية قوية منذ عقود طويلة مع العراق، وأنّ فرص التعاون بين القطاع الخاص في البلدين كبيرة وواسعة، ما يشجع كذلك على إقامة الاستثمارات والشراكات التجارية المشتركة.
مدينة اقتصادية مشتركة
أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية الدكتور غازي العساف قال في حديثه لمنصة "المشهد"، إنّ المنطقة الحرة الموجودة حاليا في محافظة الزرقاء (شمال شرق العاصمة)، تعدّ جزءا مهما وضخما لحركة تجارة المركبات والآليات بين الأردن والعراق، وأنها ستكون جزءا من المدينة الاقتصادية المشتركة بين عمّان وبغداد.
وأضاف العساف، أنّ المدينة الاقتصادية التي ستقام مستقبلا، ستكون امتدادا "لخط تجاري للعراق منذ زمن طويل وكثير من التجار وشركات الاستيراد تأتي بالبضاعة لتلك المنطقة، ثم يتم نقلها للعراق برا".
وزاد أنه مع "توسع النشاط التجاري في الآونة الأخيرة، وبما أن السوق العراقي يعد سوقاً ضخماً، أصبح هناك حاجة ماسة لمنطقة أقرب نوعا ما للحدود الشرقية وللعاصمة بغداد والمدن العراقية الرئيسية".
"هناك حاجة لمنطقة على الحدود بين العراق والأردن لتخفيض كُلف الاستيراد وسهولة وصول السلع للسوق العراقي"، بحسب العساف.
وأكد أنّ "بيانات وأرقام الميزان التجاري الأردني، وعلى مر العقود الماضية، تظهر جميعها، أنّ العراق يعدّ من أبرز الشركاء التجاريين للمملكة".
وبيّن أنّ المدينة الاقتصادية المشتركة بين الأردن والعراق "ستعمل على تضخيم حجم الميزان التجاري الأردني عبر تعزيز حركة الصادرات".
وأضاف العساف أنه "لا واردات للأردن من العراق غير النفط تقريبا"، وأنّ المنطقة الحرة ستعمل على "تحسين الميزان التجاري الأردني بعد الخلل الذي أصابه من جرّاء نشاط تنظيم داعش في العراق خلال السنوات الأخيرة، وإغلاق الحدود في تلك الفترة".
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أنّ أيّ إجراء جديد أو منطقة حرة اقتصادية جديدة، وأيّ اتفاقيات لتجارة تفضيلية أو اعفاءات، تعدّ من أشكال التكامل الاقتصادي بين بغداد وعمّان.
تبادل تجاري
أكد العضو المؤسس لمجلس الأعمال العراقي في الأردن الدكتور سعد ناجي في تصريحات لمنصة "المشهد"، أنّ الحكومتين العراقية والأردنية اعتبرتا أنّ إنشاء مدينة اقتصادية مشتركة على الحدود، سيعزز من التبادل التجاري باعتباره مشروعا استراتيجيا يعزز فكرة السوق العربية المشتركة، ويخلق فرص استثمارية وفرص عمل لكلا الدولتين.
ولفت ناجي إلى أنّ مجلس الأعمال شارك في نقاشات سابقة مع الشركة الاستشارية المكلفة تحديد المنطقة المشتركة العراقية - الأردنية، وقدّم اقتراحات للطرفين عن آليات العمل فيها والمشاريع المقترحة.
ميناء بري
أكد ناجي أنّ الجانب العراقي اقترح سابقا "تحويل هذه المنطقة إلى ميناء بري يقدّم الدعم اللوجستي للتبادل السلعي من مخازن وصناعات تخدم هذا التوجه.
وأشار إلى ضرورة "اعتبار السلع التي تُنتج بهذه المنطقة معفاة من الجمارك في كلا البلدين، لتشجيع إنشاء صناعات مختلفة فيها".
وأضاف: "نجد أنّ الفكرة الأشمل تكمن في أن تصبح هذه المنطقة عقدة اتصال اقتصادي بين العراق والأردن وسوريا والسعودية، عبر إنشاء طرق نقل حديثة وخطوط سكك تربط بين هذه الدول".
مدن ذكية
وأكد الاقتصادي العراقي أنّ البنية التحتية للمشروع ستحدّد نجاحه، مضيفا: "لذا يجب أن تتمتع المدينة الجديدة بمواصفات المدن الذكية من طرق وأبنية ومبانٍ تجارية وصناعية، وخدمية وسكن، إلى غيرها من الخدمات المساندة".
وشدد على أهمية ربط هذه المدينة بأحدث شبكات الاتصالات والإنترنت، وتوفير كهرباء من محطات خاصة بها تستغل الطاقة المتجددة من رياح أو طاقة شمسية.
وأضاف ناجي: "ربما في المستقبل يتم فيها إنشاء مطار خدمي بمواصفات عالمية"، منوها إلى أنه يجب تأمين الدخول الحر وبسهولة للعمالة والمستثمرين من العراق والأردن، ومن دون تأشيرات دخول مسبقة.
صادرات وواردات
أظهرت آخر أرقام التجارة الخارجية الصادرة عن الإحصاءات العامة في الأردن، تراجع قيمة صادرات المملكة إلى العراق خلال يناير 2023 بنسبة 8% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2022.
ووفق الأرقام الرسمية بلغت قيمة صادرات الأردن إلى العراق خلال يناير الماضي 35.5 مليون دينار (50 مليون دولار) مقابل 38.4 مليون دينار (54 مليون دولار) للفترة نفسها من عام 2022، مسجلة بذلك تراجعا بمقدار 2.9 مليون دينار.
كما سجلت مستوردات الأردن مع العراق خلال الشهر الأول من العام الجاري، ارتفاعا بنسبة 24% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وبلغت قيمة مستوردات المملكة من العراق 20.6 مليون دينار مقابل 16.6 مليون دينار مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، بحسب أرقام التجارة الخارجية.
وأظهرت البيانات، بأنّ فائض الميزان التجاري للمملكة مع العراق، وصل خلال كانون الثاني (يناير) الماضي إلى نحو 18 مليون دينار، مقارنة مع نحو 19 مليون دينار للفترة نفسها من العام الماضي.
ويصدر الأردن إلى السوق العراقي منتجات عدة أهمها الخضار والفواكه، والأجبان والحليب والبيض والدجاج والأدوية، وكوابل كهربائية ومناديل ورقية، ومركزات الأعلاف وأنابيب ومواسير من لدائن، ومصنوعات بلاستيكية.
فيما يستورد الأردن من العراق النفط الخام وزيوت ومنتجات كيميائية عضوية وأصباغ ومواد ملونة سطحية وغيرها من المواد.
(المشهد)