أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

حرية أم إنفلات


د. عبدالحكيم القرالة

حرية أم إنفلات

مدار الساعة ـ
الحرية مصطلح فضفاض يحتمل معاني كثيرة وابعادا متشابكة وقد يساء فهمه بقصد او عن غير قصد ،ما يفضي احياناً كثيرة لسلوكيات غير محمودة وتصرفات خارج عن اطار حرية الرأي او التعبير او النقد البناء المرتبط بالموضوعية والقائم على تصويب الاخطاء او تقويم اي فعل او سلوك او اجراء يخدم "الصالح العام"
الحرية حجر زاوية في كل النظم الديمقراطية وتكفلها جميع المواثيق الدولية وحقوق الانسان كحق اصيل لا يجزأ ولا يحرف وتحترمه الدساتير ،ومجسد في الاديان والقيم الانسانية والاخلاقية والقانونية والتي لا ترتضي إلا باحترام الحقوق والحريات العامة كحق له قدسيته.
غير أنه وللأسف علينا أن نقر جميعاً بأن هذا الحق الأصيل تعرض لتشويه وتحريف وتأويل أصابه في الخاصرة بعد اجتزاء هذه القيمة السامية وافراغها من مضمونها وتكييفها حسب الاهواء والمصالح المرتبطة بالنفعية والتي تلقي بظلالها السلبية على الدولة -أي دولة -وابناؤها ،بعد أن وقع البعض -ولا نعمم -بشرك الخلط بين "الحرية والانفلات"
الحرية كقيمة أيا كان شكلها ومضمونها تجسد جوهر العدالة والمسؤولية والايجابية وعلى مختلف الصعد شريطة ان لا تخرج عن سياقها وتنحرف عن مسارها الطبيعي الذي وجدت من أجله لتحقق الغايات المرجوة بما يخدم مصالح المجتمعات والدول.
المؤسف ان البعض احتكر مفهوم الحرية وقولبه حسب اهواءه ومصالحه وكيفها بالطريقة التي يجدها وسيلة لتحقيق غاياته ايا كانت مشروعيتها أخذا بالمبدأ الميكافلي "الغاية تبرر الوسيلة" مهما كانت ارتداداتها السلبية على الجميع من منطلق اناني ومصلحي بحت .
في الاردن وفي مختلف دول العالم وشعوبها يساء كثيرا استخدام الحريات وتكون ذرائع لتحقيق الاهداف والغايات الشخصية او الفئوية دونما أسس قويمة وصحيحية كما هو جوهر هذا القيمة السامية ،فلا يكاد يخلو يوم الا ويتصدر البعض المشهد ويبثوا شرورهم وخطابهم السيء بحجة الحرية كحق مصون .
يغيب عن هؤلاء وانا لا أعمم انهم فقدوا بوصلة الحرية المسؤولة والموضوعية وتناسوا ان لغيرهم حرية كما لهم وان ما يقوموا به من بعض السلوكيات تنافي الاسس الجوهرية لقيمة الحرية ومقاصدها الفاعلة في تقويم الاخطاء وممارسة هذا الحق الدستوري المكفول بغية تحقيق المصالح العليا للدول والمجتمعات.
أجزم اننا نتفق وعلى سبيل الذكر وليس الحصر ان اغتيال الشخصية و الاساءة والتشهير و الابتزاز والنخر بالمجتمعات ونسيجها ،و التطاول على الثوابت والقيم الوطنية والاضرار بمصالح الدولة العليا لا تعد حرية او تصنف ضمن هذا المفهوم.
المطلوب اليوم ان نعي وندرك الحريات ونعلي قيمتها في مجتمعاتنا كسلوك ديمقراطي ينتج حالة صحية وايجابية هدفها رفعة المجتمعات والاوطان ،وان نمايز بين الابيض والاسود وان لا نقع فريسة سوء فهم هنا او تعمد هناك فالكل يعرف حدود حريته ويعرف ان كان موضوعيا او يصطاد بالماء العكر .
ختاماً،،الانتماء الحقيقي للاوطان -والذي يجسد المواطنة الصالحة-، يتكئ ويستند على سلوك فردي وجمعي قوامه المصالح العليا للدولة ،، ولا يقوم على الاستهداف والتصيد بهدف الاساءة والتشهير بها، متذرعين بممارسة حق الحرية وهي في حقيقتها تصرفات وسلوكيات سلبية لا تتعدى حدود المعنى الحقيقي للانفلات
مدار الساعة ـ