اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

الصحافة والطغاة


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

الصحافة والطغاة

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ نشر في 2023/05/04 الساعة 01:01
.... كان حلم ونستون تشرتشل أن يكون صحفيا، ففي أثناء عمله في الهند قام بمراسلة كبريات الصحف البريطانية، وحين عمل في السودان ومصر أبان الإستعمار البريطاني لهما أصدر كتابه المشهور (حرب النهر)... ونشر المزيد من الكتب أيضا, وكان له ميول مهمة في الرسم أيضا فقد قامت بريطانيا ببيع عشرات اللوحات التي رسمها أثناء الحرب.. لكن الحقيقة تؤكد أن ونستون تشرتشل فشل في الرسم, الذين قيموا لوحاته.. أكدوا أنه يمتلك موهبة عادية وليست متميزة, فكل ما كان يركز عليه هو الطبيعة.
موسوليني هو الاخر ظن نفسه أنه سيكون أهم الكتاب الرومانسيين في العالم, لهذا عكف سنوات على كتابة رواية بائسة -لا اتذكر اسمها-، ولكن النقاد صنفوها بأنها من أكثر الروايات رداءة والتي أنتجت في إيطاليا تلك الفترة.
هتلر هو الاخر أنتج كتابه (كفاحي) في السجن عقب ومحاولة الإنقلاب الفاشلة التي قام بها على الحكومة (البافارية), ومن ثم زج في السجن بعدها، وقد أطلق الألمان وقتها اسم (بير هول) على تلك المحاولة.
ستالين هو الاخر طرح نفسه كشاعر ومثقف, بعد أن فشل في دراسة الكهنوت..وطرد من المدرسة الأرثوذكسية, ويقال أن رواية الأم لمكسيم غوركي والتي يستعرض فيها الكاتب حياة البؤس, وألم الفقراء.. والكفاح الثوري, كان مصدر إلهام لستالين الذي حاول أن يجسد معاني هذه الرواية في الشعر ولكنه فشل..
حين تنظر لحياة الطغاة في العالم تكتشف, أنهم جميعا حاولوا في بداياتهم إما أن يكونوا من فئة الصحفيين أو المثقفين أو الروائيين ولكنهم جميعا فشلوا, وينستون تشرشتل كل كتبه كانت رديئة وتحاول أن تقدم الجنود الإنجليز بصورة الأبطال الشجعان, حتى لوحاته كانت رديئة وموسوليني هو الاخر كان مثالا للروائي الفاشل, وهتلر كتابه (كفاحي) جاء بعد محاولة انقلاب غبية جدا, وقد صورت وقتها بأنها أغبى محاولة انقلاب في العالم..حتى ستالين هو الاخر انحاز لجريدة (البرافدا) الروسية وأشرف عليها واعتبرها لسان الحزب الشيوعي ونموذج الصحافة, و?شل هو والبرافادا... قصائده التي كتبها في بداياته لم يعثر على أي واحدة منها, لأنه على مايبدو تخلص منها جميعا..
كل الطغاة في بداياتهم حاولوا أن يقدموا أنفسهم على أنهم من مجتمع النخبة, هتلر انتهى به المطاف منتحرا ومهزوما.. موسوليني أسره الطليان على حدود سويسرا وهو يحاول الهرب ونفذوا به حكم الإعدام دون محاكمة, ثم رموا جثته في شوارع نابولي وداسها الناس بالأحذية.. تشرتشل وصفه وزير دفاعه بأنه كان عاطفيا جدا وكاد أن يذهب بإنجلترا إلى الهاوية, ومعروف لدى الشعب الإنجليزي بأنه كان مدمن كحول وسيجار... وأكثر أمنية رددها هي أن يموت وهو يدخن السيجار... ستالين مات ميتة غريبة, لدرجة أنه بقي ساعات طوال وهو ملقى ولا أحد يستطيع الإقت?اب منه.. وقد أشاع البعض أنه سمم, لكنه عاش الحياة تحت مظلة من الخوف الشديد.. لدرجة أنه طارد (تروتسكي) في أمريكا الجنوبية وقتله خشية عودته وقيامه بالإستيلاء على السلطة.. مات والشعب الروسي لا يتذكر سوى سرقاته وعمليات السطو التي قام بها على بنوك الدولة.
كل الطغاة فشلوا في الصحافة, لكنهم نجحوا أن يكونوا طغاة وقادة.. وكتبوا اسمهم في التاريخ...
في عالمنا العربي, فشلنا في الصحافة.. ولم نستطع أن ننتج صحيفة واحدة تصل للعالمية.. مثل (الواشنطن بوست) مثلا, وفشلنا في إنتاج طاغية مثل ستالين.. في الصحافة والطغيان فشلنا..
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ نشر في 2023/05/04 الساعة 01:01