عندما يقال ان معدل الانفاق على التعليم في العام يشكل 20ر12٪ من الموازنة ونحو 8٫3٪ من الناتج المحلي الاجمالي يتبادر الى الذهن انه انفاق كاف والبعض يعتبره كبيرا والصحيح ليس كذلك!
السبب ان الأجور مثلا تستحوذ على (93%) من موازنة وزارة التربية والتعليم و(5%) فقط تذهب للسلع والخدمات، ما يعني ان الانفاق على التطوير وعلى بيئة التعليم انفاق هزيل..
لا يختلف الانفاق على الصحة كثيرا، اذ تبلغ موازنة وزارة الصحة 711 مليون دينار لعام 2023 بارتفاع بلغ 79 مليون دينار عن العام السابق.
لكن سنبقى في موضوع التعليم لان الشواهد تنذر بهذا الضعف.
صحيح ان الحكومة زادت مخصصات التعليم في عام 2023 بنحو 8.1٪ لتبلغ نحو 1363 مليون دينار بارتفاع مقداره نحو 111 مليون دينار عن العام الماضي. لكن الصحيح ان هذا الانفاق غير كاف.
الطاقات البشرية الشابة في بلد صغير ومحدود الموارد مثل الاردن، يحب ان تجعل الانفاق على التعليم في مقدمة الاولويات الوطنية، وكلما زاد عدد السكان شكل التعليم التحدي الاكبر.
إخفاق التعليم كان دائما متلازما مع العدالة الاقتصادية التي ترعى المهمشين في التعليم والوظائف ومستوى الدخل والخدمات لكن وفق اعتبار واحد هو الكفاءة، وهي التي لا يمكن للمواطن أن يتمتع بها دون تأهيل، والتأهيل هو إتاحة تعليم جيد.
لا يزال النقاش حول إصلاح التعليم فرديا.. هناك حاجة لأن يكون التفكير جمعيا ومؤسسيا لتوليد الأفكار والحلول الإبداعية في التعليم الأفضل لأبنائنا باعتباره قضية وطنية رئيسة ومصيرية، تطويره مسؤولية مشتركة للخروج بخطة عابرة للوزراء وللحكومات لتطوير التعليم.
إذا كان تأجيل قرارات إصلاح التعليم العالي يواجه بمخاوف أسوة بالإصلاح الاقتصادي والسياسي فاذهبوا الى حوار وطني عام يتعمق في مشاكل التعليم العام والتعليم العالي ويحصل على توافق وطني وآليات قابلة للتنفيذ قبل فوات الفرصة.
يجب أن لا نفوت الفرصة لنقاش معمق وعوضا عنه ننقاد الى تداخلات عنيفة تكتفي بتشكيل رأي عام إلكتروني يذهب الى نقد الأشخاص ويسيس المبادئ والنتيجة هي تكسير الأهداف الحقيقية للإصلاح.
معنى هذا أن كل الجهود التي بذلت والسمعة الجيدة التي بنيت لقطاع التعليم في الأردن، إما أنها ذهبت هباء بفعل فاعل أو أنها كانت تعوم على سراب!
لو تركت لي الخيارات لكان الانفاق على التعليم يتفوق على اي شيء آخر.