مدار الساعة - بدأت في عمان، اليوم الاثنين، أعمال اجتماع عمان التشاوري الذي يستضيفه الأردن بمشاركة وزراء خارجية الأردن والسعودية والعراق ومصر مع وزير الخارجية السوري.
ويأتي الاجتماع استكمالاً للاجتماع التشاوري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأردن والعراق ومصر، الذي استضافته المملكة العربية السعودية في جدة يوم 14 نيسان الماضي، وللبناء على الاتصالات التي قامت بها هذه الدول مع الحكومة السورية وفي سياق طروحاتها، والمبادرة الأردنية للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية.
وتمثل عودة زخم قاطرة التجارة البينية الأردنية -السورية إلى سابق عهدها مصلحة مشتركة عليا للبلدين، ولا سيما في ظل الفرص الاقتصادية القائمة لدى الجانبين.
واليوم وفي ظل الصعوبات الاقتصادية التي يعيشها العالم، يتحتم على البلدين الشقيقين التقدم بخطوات كبيرة نحو “فكفكة” كل المعيقات التي تعرقل حركة انسياب التجارة البينية بينهما، ووضع “خارطة طريق” واضحة المعالم لشكل علاقاتهما الاقتصادية بالمرحلة المقبلة.
ويحتاج الأردن وسوريا وبحكم الأواصر التاريخية التي تجمعهما على كل المستويات، تدشين مرحلة من التشاركية التجارية ودفعها لمستويات تلبي الطموحات، ومنح القطاع القطاع دورا أكبر في ذلك من تشجيع الشراكات والتحالفات بين شركات البلدين.
فالموقع الجغرافي القريب بين البلدين، يعطي أفضلية تجارية وصناعية واستثمارية لهما، فالأردن يعتبر بوابة سوريا للعبور لأسواق دول الخليج العربي، في حين أن سوريا بوابة الأردن للأسواق الأوروبية.
وأسس البلدان المنطقة الحرة الأردنية السورية عام 1976، قرب مركزي حدود جابر الأردني ونصيب السوري، برأسمال مشترك من البلدين بموجب اتفاق التعاون الاقتصادي وتنظيم التبادل التجاري بين البلدين لتكون أحد مرتكزات العمل العربي الاقتصادي المشترك.
ويرتبط الأردن وسوريا كهربائيا من خلال خط نقل على جهد 400 ك.ف منذ عام 2001 إلا أنه خارج الخدمة حاليا لأسباب فنية، واتفاقية ربط عامة ضمن مجموعة الربط الكهربائي الثماني (الأردن ومصر والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين وليبيا بالإضافة الى تركيا).
وزادت الصادرات الوطنية إلى سوريا خلال العام الماضي لنحو 71 مليون دينار، مقابل 56 مليون دينار عام 2021، فيما انخفضت المستوردات للفترة نفسها من 50 مليون دينار لنحو 46 مليون دينار في 2022.
واكد رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق، إن القطاع التجاري يتطلع إلى علاقات جديدة تجارية واستثمارية متكاملة مع الشقيقة سوريا والعمل كفريق واحد لتحقيق ما يصبو إليه البلدان في بناء مستقبل واعد وبناء شراكات قائمة على المصالح المشتركة، ولا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجه العالم.
وبين لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن تعزيز شريان التجارة مع الشقيقة سوريا إلى سابق عهده يمثل مصلحة مشتركة لإقتصاد البلدين، ولا سيما أن سوريا بمعابرها وموانئها تُمثل شرياناً تجارياً مهماً للمملكة، مشددا على ضرورة إزالة أية عقبات في طريقها.
وقال “إن تجارة الأردن للدول الأوروبية كانت قبل سنوات تنساب عبر سوريا والعديد من الدول المحيطة سواء لجهة التصدير أو الاستيراد أو الترانزيت، مثلما يُمثل الأردن بوابة للمنتجات والبضائع السورية للعبور بأمان لأسواق دول الخليج العربي”.
ودعا إلى بناء شكل جديدة للعلاقة الاقتصادية المستقبلية بين البلدين، عمادها تبادل المنافع المختلفة، مؤكدا أن القطاع التجاري الأردني بمختلف فعالياته حريص على تفعيل وإعادة إحياء الشراكات التجارية والاستثمارية القوية بين الأردن وسوريا لما يحقق مصالحهما المشتركة.
وأشار الحاج توفيق إلى أن غرفة تجارة الأردن ستواصل جهودها لتذليل العقبات التي تتعلق بتسهيل حركة التبادل التجاري مع الشقيقة سوريا لإعادتها لزخمها السابق حفاظا على مصالح البلدين المشتركة، داعيا لإعادة النظر بكل القرارات التي حددت قائمة سلع بعينها يتم تبادلها بين الجانبين.
وبين نقيب أصحاب شركات التخليص ونقل البضائع ضيف الله أبو عاقولة، أن تعزيز التجارة البينية بين الأردن وسوريا في غاية الأهمية بالنسبة للاقتصاد الوطني، ما يتطلب تسهيل الإجراءات التي تعرقل حركة انسياب البضائع بين البلدين، ولا سيما لجهة تسهيل عبور الشاحنات والعودة للاتفاقيات الموقعة سابقا بخصوص رسوم مرور الشاحنات التي كانت منخفضة.
ولفت إلى أن عملية نقل البضائع في الظروف العادية ونظرا للقرب الجغرافي تتم بين الجانبين بكل سهولة وتتم خلال مدة زمنية قصيرة ما يقلل كلف النقل وبالتالي انعكاسها على الأسعار، بالإضافة لجودة السلع ذات المنشأ السوري وانخفاض أسعارها مقارنة مع مصادر أخرى تستورد منها المملكة الكثير من احتياجاتها.
وأشار إلى أن شركات التخليص كانت قبل الأزمة السورية تتعامل يوميا مع نحو ألف شاحنة داخلة وخارجة عبر الأراضي الأردنية، لكنها تراجعت اليوم لمائة شاحنة فقط، ما يتطلب إعادة النظر بالرسوم التي يفرضها البلدين على الشاحنات لتنشيط حركة التجارة والنقل.
وأكد وجود فرصة كبيرة لإعادة الزخم لعلاقات البلدين التجارية والانطلاق بها لمرحلة جديدة من التعاون والتنسيق والشراكة باعتبار أن ذلك يشكل مصلحة عليا للأردن وسوريا، مبينا أن تسهيل حركة عبور الشاحنات سينعكس إيجابا على صادرات المملكة إلى لبنان.
ودعا أبو عاقولة إلى السماح بدخول مختلف المنتجات والبضائع السورية للأراضي الأردنية وإلغاء قرار اقتصارها على سلع وأصناف محددة، مؤكدا أن تنشيط علاقات البلدين الاقتصادية سينعكس على الكثير من القطاعات التجارية والخدمية والمواطنين واستحداث فرص العمل.
من جانبه، أشار ممثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في غرفة تجارة الأردن المهندس هيثم الرواجبة، إلى أن شركات تكنولوجيا المعلومات الأردنية لديها خبرات كبيرة تؤهلها لدخول السوق السورية، والاستفادة من توجه البلاد نحو التحول الرقمي، مشددا على ضرورة تعزيز التعاون بين البلدين بمختلف المجالات الاقتصادية والاستفادة من الفرص الكبيرة المتوفرة لديهما.
وأكد أهمية السوق السورية بالنسبة للأردن، خصوصا مع القرب الجغرافي والعلاقة المميزة بين القطاع الخاص في كلا البلدين، مبينا أن السوق السورية تعتبر هدفا بالنسبة للشركات الأردنية في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
بدوره، أكد رئيس هيئة مستثمري المناطق الحرة الأردنية، محمد البستنجي، أهمية الاستثمار من خلال المناطق الحرة في تعزيز العلاقات التجارية الأردنية السورية.
وأوضح بأن زيادة التعاون الاقتصادي المشترك يساهم في تنمية اقتصاديات البلدين، ويساعد على تنويع اقتصادهما وزيادة التجارة الثنائية بين الأردن وسوريا وتعزيز تبادل السلع والخدمات.
ولفت إلى أن تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين من خلال المناطق الحرة يعمل على جذب استثمارات أجنبية إضافية من الشركات العالمية التي ترغب في الاستفادة من الموارد والفرص المتاحة في البلدين.
وأكد البستنجي أن تحسين العلاقات التجارية بين البلدين من خلال الاستثمار والمناطق الحرة يمكن أن يوفر فرص عمل جديدة، ويحسن مستوى المعيشة للمواطنين في الأردن وسوريا.