لطالما تساءلنا حول واقعية نجاح التجربة الحزبية في الاردن، بعدما تشكلّت الفجوة الكبيرة بين المواطن والحكومات المُتعاقبة فقد رأت المنظومة السياسية في الاردن ضرورة وجود احزاب حقيقة، برامجية، وفعالة تُنقذ الدولة الاردنية من الترهل في مؤسساتها وهدر مقدراتها وتراجع مؤشراتها في التعليم، الصناعة، الصحة، الادارة المحلية، وغيرها الكثير من القطاعات التي أُنهك كاهلها من الفساد وسوء الادارة وعدم القدرة على ادارة موارد الدولة، لعل وعسى ان نرى الاردن الذي نُريد ان نراه، فأن الصراع الحقيقي يكمن في غياب الخطط التنموية الحقيقة من جدول اعمال الاحزاب السياسية لدينا، فهنا من يقول نحن الحزب الاجدر وهناك من يقول نحن الحزب الاقوى وما هي إلا تزيف للوعي واستغلال عطش الشباب الاردني في المشاركة بالعملية السياسية وعملية صنع القرار، إذ نظرنا الى بعض الاحزاب اليوم لرأينا تمركزها في العاصمة عمان وكأن الاردن هو العاصمة فقط، في غياب وتهميش حقيقي للاطراف الاردنية الاخرى، ومنهم من أستنسخ ايدولوجيات خارجية وبالرغم من انها صحيحة بعض الشئ لكنها صعبة التطبيق في مجتمعاتنا الاردنية لان علينا ان نُراعي الفروقات، ومنهم من يقول انا يميني وانا يساري وانا اسلامي ووسطي،،، الخ، وعندما تسألهم عن مواقفهم في ملف الصحة والادارة والبيئة والمناخ والزراعة … الخ، لا أحد يُجيب، وهذا إن دل يدل على ان الكثير من الاحزاب المطروحة على الساحة الاردنية هشه وركيكة ولا تصلح لقيادة الدولة بهذه الاوراق وهنا لا أقصد التعميم، لان أيضًا هناك احزاب لا بأس بها تقوم على اساس برامجي وليس شعبوي مُقيت،فنحن نريد احزاب، ترتكز على ثلاثة ركائز اساسية هي العدالة الاجتماعية وتكافئ الفرص وأيضًا المواطنة ولكن بمعناها الجوهري فأن المواطنة تعني علاقة الفرد بالدولة وليس علاقة العشيرة بالدولة ولا علاقة المحافظة او اللواء او التجمع بالدولة، وهنا نذهب لمنعطف ايجابي وهو تصويب المعاني الجوهرية للمصطلحات التي تُنادي بها الاحزاب السياسية التي أكاد أُجزم بانهم يحتاجون الى مدرسة اعداد سياسي لكي يتمكنوا من تصويب اوضاعهم، فالتنمية والتحديث على سبيل المثال لا الحصر يتصف باوراق شاملة وبخطط تنموية حقيقية تُعالج واقع الحال، فقد تبنوا استراتيجية للتنمية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والبيئة والمناخ والادارة والصحة والزراعة وغيرها الكثير، واحد وعشرون ورقة تتحدث عن الواقع والمشكلة والتوصيات بطرق وأُطر علمية ممنهجة، وهذه هي البوصلة التي على جميع الاحزاب السياسية في الاردن التوجه نحوها، وهذا الذي نُريده اليوم وهذا ايضًا ما اوصى به جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين عندما أصدر الارادة الملكية السامية بتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في الاردن، لكننا لازلنا نفتقر الوعي السياسي والحزبي لدى الشباب ومازال الخوف والتخاذل يُسيطر على عقولهم وافكارهم وهذه الفجوة يوجد حاجة مُلحة لسدها وهنا يكمن الحل في مدرسة للاعداد السياسي والاقتصادي معًا، فعلينا كشباب ان نخوض غمار التجربة وان ننتقي الحزب الذي يُمثلنا ويُمثل طموحنا وتطلعاتنا بأردن الكرامة، التعليم ركيزة الشعوب وثورة الدول فعلينا ان نبدأ به، علينا ان نُخرج جيل يُدرك المشكلة ويخلق الحل وهذا لن يحدث إلا بادخال العمليات التحليلة الى مناهجنا بدلًا من الاساليب التقليدية التي أخرجت لنا جيل مُعلّب لا يقوى إلا على التبصيم والحفظ فقط، فنحن اليوم لا نُريد ان نكون ادوات وجسور يستخدمها المتسلقين للوصول الى السلطة بل نُريد ان نكون شركاء في عملية صنع القرار وتصويب اوضاع الدولة والمحافظة على ما تبقى من مقدراتها وهذا لا يحدث إلا بتكاتف الايدي وافراز احزاب حقيقة يقودها الشباب برؤى تنموية نُحدث من خلالها التنمية الشاملة في كافة القطاعات باسلوب عصري حدثّي يُحاكي المستقبل، علينا معًا معالجة التحديات التي تُحيط بنا وبناء اقتصاد قوي ينهض ببلادنا، علينا معًا ان نبني منظومة حزبية تُراقب وتُشرع وتقوم بواجباتها السياسية ببرامج تنموية حقيقة، مرنة وقابلة للتطبيق ليس حبرًا على ورق فقط، للمحافظة على وطنا الذي نُحب، الوطن الذي قدم التضحيات والشهداء والذي كان نموذجًا يُحتذى به في التعليم والصحة، علينا ان نُرجع مؤشراتنا العالمية في كافة القطاعات الى القمة ف دون ذلك سوف يزداد الترهل والفساد الاداري والمحسوبية وسوف نتراجع خطوات كثيرة يصعب علينا حينها من النهوض، فهذه فرصة تاريخية علينا اغتنامها بكل ما اوتينا من قوة، فقد يقول البعض ماذا لو استبدلنا الاحزاب لجمعيات او لمؤسسات مجتمع مدني مثلًا فهي ايضًا تحدث تغير!
وهنا تأتي الاجابة بأن كل تلك المؤسسات مُقدره جهودها لكن مجهودها هذا فردي، وغير مُنظم، فنحنُ ما نحتاجه احزاب مُنظمه تصنع الفارق في العملية السياسية، فمثلًا لو اتجهنا الى ملف ابناء الاردنيات او الى ملف الصراع العربي الاسرائيلي او الى ملف حل الدولتين او ملف البطالة والعمالة الوافدة، هنا يتوجب علينا السؤال لجميع الاحزاب السياسية من أُسس منها ومن هو تحت التأسيس ما هي موقفهم وحلولهم واستراتيجيتهم اتجاه تلك الملفات التي تشكل محورًا هامًا في حياة المواطن الاردني، ولو توجهنا الى ملف الزراعة والمياه والكهرباء اين هي خططهم لذلك، فإن لم نسأل كل تلك التساؤلات فسنكون عبارة عن دُمى ضاحكة تُصفق وتسير في نفس الدائرة المُغلقة، علينا جميعًا السؤال والسؤال والسؤال وان نُدقق ونتفحص الاجابات بالمنطق والمرونه والقابلية لتحقيق تلك الخطط، اليوم وبعد الف يوم خلاصُنا الوحيد ان نبقى داخل هذه اللعبة وان لا نخرج منها إلا ونحن مُنتصرون باردنا الذي لا نُساوم على شبرًا واحدًا من ترابه.