انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

البطاينة في اربعينية شقيقه.. أوجعت قلبي برحيلك يا عُمر

ملخص الخبر:
مدار الساعة,مناسبات أردنية,1. #بسام_نواف_البطاينة,2. #ذكرى_الرحيل,3. #الحزن_والفراق
مدار الساعة ـ نشر في 2023/05/01 الساعة 14:42
حجم الخط
مدار الساعة - كتب: بسام نواف البطاينة
"أربعون يوما على رحيلك المفجع الأليم، أربعون نزفا شاهدة على قسوة الفراق ولوعته، ووجع البُعاد وحرقته.. أربعون قلبتّنا على جمر الدمع في المآقي، ووسدتنا الحزن الأليم... فيا أيها الغافي في شغاف القلوب التي أحبتك وتولعت بك، منذ لحظة الميلاد حتى لحظة الرحيل الأبدي، سلام لروحك الطيبة، أيها الطيب الندي النقي".
ثلاثون عاما ونيف وأنتَ على عيني، وعلى بُعد نبضة مني. لم أشيح بنظري عن كلكَ أو بعضك، فلقد كنت معلقا بروحكَ النقية ومتعلقا بك، منتشٍ بعمرك الندي بنشوة ٍصوفيّة، تتوهج وتحلق على حواف الفؤاد، كلما أقبلتَ عليّ معانقا شوقي، أو حتى معاتبا خطوي، لما آتيكَ متأخرا لحظتين.
أشكو بثي وحزني إلى الله:
بكت عينيّ، وانحدر الدمع، وجاد القلب بحزنٍ خنسائي نبيل.. فلا أسمع من دنياي إلا هديل الحمام نائحاً، حزيناً، باكياً، شاكياً.. فأهرب من دمعي كي ألقى حسرتي.. فالعيش دونكَ "يا غالي" هو موت، وأي موت؟!!.
وآسفي عليك يا "عمر"، وآسفي عليك يا زينة الشباب، الذي ارتحل عني، بلا وداع.. فأشعل في رأسي شيبا، وفي قلبي نارا لا تنطفئ.. فهل كنت تعلم موتك، ولم تخبرني؟ وهل مللت الحياة أم تراها أتعبتك وأتعبت قلبك، يا نقي القلب؟ وهل زيارتك الأخيرة لي، جاءت كي تلقي عليّ تحية الوداع الذي لا يعقبه لقاء.. وهل كنت تدري أي حزن سيأتينا، بعدك، ليطبق على القلوب وينخر فينا العظام؟ آواه يا قلب.
(كأنّ عيني "لذكراكَ" إذا خَطَرَتْ فيضٌ يسيلُ علَى الخدَّينِ مدرارُ).
عمر يا نوارة الدار... خلت بعدك من أهلها الدار.. حتى العصافير غادرت أعشاشها ومطارحها على هذا الغياب.. بالأمس كان هناك أم وأب، واليوم، لحقت بهما، فهل قهرك الشوق إليهما، فما عدت تحتمل؟ أم شدك الحنين إلى ندائك المحبب "يابه، ويمه"؟ ولكن ألم تستوقفك قبل رحيلك القسري كلمة "يا خوي"؟! فماذا تركت لنا بعدك إلا النشيج؟!. مضيت بعيدا، أيها الحبيب، وفي يديك قلبي، فكيف ستراني بعدك سأحيا؟ وأي الدروب سأعبر يا رفيقي في العشيّة والضحى، ويا توأمي في السر والسرور، فالليل يبني في داخلي ومن حولي، على رحيلك، خيمة من الوحشة، وتمتد من ورائي ومن أمامي جبال من الحزن. لا أدري أين يأخذني المجهول، فالأبواب موصدة، إلا أبواب الدمع.
أعرف، يا حبيب، أنه بات عليّ أن أغادر المكان، فما تبقى من الورق، صفحة أو صفحتان، لكن لدي كثير من الدمع والماء، ولدي الكثير من قوافي الرثاء، ولدي أكثر من الدمع في العيون، والوجع في القلب، فالأمكنة التي كانت تجمعنا، ما زلت، رغم غيابك، ارتدد عليها، لأجمع منها عيوني وأحلامي، وبعضا من حكايا كانت برائحة الياسمين.
قضي الأمرُ فيا نفسُ اصبري... صبر تسليمٍ لحكم القدر.
أركض الليلة حافيا في شوارع المدينة، التي كنا نعبرها سويا يا أخي، وتركض معي الشوارع والجبال والبيوت، أتوقف لحظة هنا، على وقع خطوك، وأتوقف لحظتين هناك حيث أخبرتني أنك أتعبتنا، وأثقلت علينا، فأذرف دمعة، وأنزوي في ظلي، ولحظة لا يستطيع تعبي، أن يحملني، أحمله إلى صدري وكتفي، وأركض به وحيدا. ثم أنام على دفتر قديم، خبأت فيه سرك الأثير، وصورة لك أحملها في لواعجي.
أي أخي: أعلم أنك كنت تبحث عن قلب يكون لك سكنى، فمنحناك قلوبنا، وفرشنا لك الندى.. كي تبقى تأتينا بوجهك الغائب عنا الحاضر فينا ما حيينا، في مساءات الريح والألم، كي نكتبك حكاية وفي الحكاية شكاية، وفي الشكاية "بلوى"، تأكلنا، ولا تتركنا إلا ونحن رماد.
أعلم، يا أخي الذي صلب قلبي بين عينيه، أنني جئت متأخرا على زماني لحظتين من صباح، وموجتين من بحر، وقطرتين من ندى، ونسمتين من ريح.. لكن ليس عذر بعد أن جئتك متأخرا عليك زمانين من اللوعة والحسرة، نعم، ليس لي عذر.. لكنني سأبقى أحرسك حتى بدموعي، فأنا أعلم أنك كنت تخاف العتمة. فأي فرح يأتيني.. حينما تغفو عيونكَ في نهارها.
لا يبقى لي إلا الأهداب.
فسل عني الورد والخد، وسل عني الفجر والشهد،
فالحرف يلف الحرف، والفجر يلف الندى،
والوجع يلفه الوجد، سآخذ معي قلبي وأهرب..
بل سآخذ معي وجهكَ وأهرب،
إلى ليالٍ عشر.. حتى يعرفني قلبكَ، ويدلكَ عليّ،
فالنهر فيه جمر.. والبحر فيه سر.
وجمر وسر الوجع أكبر.
والروح تبقى تتقلب على جمر.
فغيابكَ، أبقى الجرح جرحين،
جرح يلفه الشوق والحنين.. وجرح من حسرة وأنين.
يا لحضورك الأنيق، أيها النبيل، الذي غابت شمسه إلى الأبد.. أكتب موتك بمداد من دمع وجمر، يجوح داخلي بالمواجع والحسرات، بعد أن انكسر جناحي، وهدني الصبر، وأنا الذي ألقيت عليك محبتي، وألقيتُ عليك حناني، وأرخيت لك سنوات من عمري، كي تكون ظلك الظليل.
ها عيناي قد ابيضت من الحزن، وها قلبي منزوع النبض، فلا حياة، بعد أن جاءني طائر البين ينبئني بأنك مضيت مسرعا إلى رب عفو غفور رحيم كريم، بنفس ترنو إلى الفردوس العظيم.. فيا أخي، أدعو الله أن تكون تحيتك فيها سلام.
(العين تدمعُ كالشلال تنسكبُ... والقلبُ مضى ومما فيه يكتربُ
أبكي "أخي" وأمي وأبي في كل ثانية... أشكو جراحا بطولِ البعدِ أغتربُ
أبكي "أخي" وأمي وأبي مدى زمني... كم بات قلبي مع الأوجاع ينتحبُ
كم أنهك البعدُ أيامي ومزقها... والنفس في حزن والفكر يضطربُ
كانوا لي الضوء في الدنيا وبهجتها... واليوم يسكن روحي الحزن والتعبُ)
هل هي حكمة الآلم: أنك كنت تعلم موتك، فغادرتنا إلى دار الخلود، فلم تورثنا إلا الوجع والحسرة والألم، وهل قدري أن أبقى أرث الأكفان وحسب؟ وإلى متى سوف أظل أكتبُ موت ناسي وأحبابي وصحبي؟! وإلى متى سيبقى قلبي المنهك أصلا يحتمل؟ مات في داخلي ألف جزء، ولم يبقى هناك إلا أجزاء قليلة مبعثرة.
أي أخي.. كان قضاء الله، وكانت مشيئته، وفقدكِ كان صعبا بل أثقل من الجبال.. ومرارته بطعم العلقم والحنظل.. وسواده حالك كئيب.. الفقد والفراق، ثنائية لا يتحملها قلبي المتعب، فكيف إذا كان المفارق زينة الشباب؟!.
أخي يا وصية أمي وأبي، ودعنا روحا هي بعض روحنا، بصبر وتسليم، واحتسبناك أمانة ووديعة، في دار الحق عند رب عزيز حكيم، فسلام عليك يا عمر وأنت ترفرف بروحك الطيبة في الجنان.. فالرحمة عليك، يا عضيدي وسندي، وعصاي التي كنت أتوكأ عليها، كلما انتابتني قشعريرة من وجع وحسرة وألم. فلماذا أيها الحبيب تركتني في منفاي أصارع حزني، وأكفكف عبرات دموعي وحدي.
(فيا لهفي عليه ولهف نفسي.. أيُصبحُ في الضريح وفيه يُمسي؟).
إيه يا عمر تغيب عنا، ويمرّ الزمن شفافا أثيريا عندك، حيث روحك الطاهرة، بينما أنا من ثقل البعاد والفراق، أحس وكأن الأيام كئيبة متجهمة، أجترّ فيها الحزن والذكريات. وأنا أخبئك في سويداء القلب، فأستعيد خطوتك الأولى، وأستعيد ابتسامتك التي كانت تطربني بل وتشجيني.. وأستذكرني وأنا أناغيكَ وأقلبّك بين يدي، لعلك تغفو في أهداب عيوني، فأحملك كي أضعك في المهد.. وما كنت أدري أن ذات اليدين ستحملانك إلى اللحد.. فكم هي قاسية تصاريف الدهر. وشتان – يا أخي - بين روحين، روح تسكن فيّ، وأخرى تغادرني، فما تركت لي بعدك، إلا الأنين الذي يجتاحني بأحزانه الصحراوية. أندبك يا حبيب، وأصيح بصوت عالٍ:
(أَخٌ لِي لَو دَعَوتُ أَجَابَ صَوتِي وكنتُ مجيبه أنّى دعاني... فَقَد أَفنَى البُكَاءُ عَلَيهِ دَمعِي ولَو أَنّي الفَقِيدُ إِذاً بَكَانِي).
أيها الرقراق لم يبق سوى وميض من وقع خطوكِ، نلاحقه على درجات "الدار"، حيث كنت تجلس إلى نفسك، تشعل سيجارتك، وتحتسي من فنجان قهوتك المرة، تراقب المارة بعيون مودع.. أما تريثت قليلاً يا أخي، يا صاحب الوجه الصبوح.. أما تريثت حتى تراني اتعافى، كي أسند خدي على راحة يدك؟. لماذا تعجلت واستعجلت الرحيل، لماذا فارقت، أما كنت تدري أن الحياة فارقتنا معك.. ماذا تركت لأخيك (خالد) رهين الدمع والصمت.. وصاحبك (غيث)، وبقية من رفاق وأخوات وأبناء وبنات عم؟ لو تريثت، يا مهجة الروح، لو زمنا بحجم لحظتين، لأروي لك بقية فصول وجعي، والتي أتمها رحيلك الذي جاء على حين غرة. لو تريث قليلا حتى يبرأ قلبي، ويرتد إليه نبضه، بعد أن كاد في لحظة وجع ليلي أن ينطفئ للأبد، فالسراج بعدك يا حبيب وبعد أن جف زيته، ما عاد يشتعل ويضىء..
(وما يبكون مِثلَ أخي، ولكن أُعَزّي النفسَ عنه بالتَأَسِّي.. فلا والله لا أنساك حتى أفارقَ مهجتي ويُشقُ رَمْسي).
لما نعاك الناعي:
(هدَّ فؤادي يوم أُخبرت نعيه.. وضاقت بي الدنيا ودمعي قد هطلْ
وزادت بي الأحزان والهمُّ ضرّني... وعن قلبي المحزون بالله لا تسلْ
سأبكي عليه كلما أظلمَ الدُجى... وما ابتسم الصبح المنير وما استهلْ)
جاءك الصحب يفرّون من الصدمة إليك، يغيبون بك عنك، فأيقنوا لحظة الوداع الأخير أنّهم أنت، لكنهم لم يفقدوا اليقين يا حبيب، لقد أيقنوا أنك مرتحل إلى دار خير من دارك، ولعلها غرفة – وعلمها عند رب رحيم – تجري من تحتها الأنهار.. أما (خالد) فلقد أتعبه الوقوف بباب الروح، يطرق بخفقات قلبه كل النسائم الساكنة في أهداب عيونك، لكن ما من مجيب.. ما تعودك إلا نائما على كتفه، كطفل صغير، ولم يدري أنك غادرته إلى البعيد.. فيا لحزنه النبيل، ودمعه الذي يتلألأ على خديه في الصبح والأصيل.
(كل نسوان الحارة حلفن،
انهن شافن شب مثل الشهد بعمر الورد،
واقف بظل الغيمة بريح الند...
جفلت نجمة، تعب العد،
وغاب الرد،
لما غفيت عينه، ونزلت دمعة
ترويدة خد).
فهل حان لمنافي الحزن أن تختارنا الآن، بعد أن انطفأت في قلوبنا النّشوة؟. سأبقى أروي للياسمين والورد في حارتنا، حكاية زينة الشباب، فمثلك حكاية تروى وإن رحل، وها أنا أرفع صوتي وأقف كرمحٍ وأنادي؛ أينهم صحبي أينهم خلاني، أينه (الغالي عمر) من كان يمرغ خدي بالندى، بالورد الأحمر القاني. أتعبني المشي إليك مثقلا بالدمع، فيا أيها القلب، ويا أيها الحزن رفقا بحالي.
"قف أيها الوقت ولا تجعل اللقاء ينتهي".. قف أيها الزمن ولا تجعل الخطوات تتسارع.. قف أيها الليل، ولا تجعل النجمات تتوارى.. قف أيها الصباح ولا تجعل النهار يتدلى على خيوط الدمع.. قف أيها الحزن، فما عاد القلب يحتمل، وما عاد في العمر متسع.. وما عاد في الجرح إلا الجرح، قف أيها العمر، فما بقي في العمر (عمر).
أنوحك، أي أخي، وأبكيك، ففي قلبي تباريح ونواح.. وأنا الذي كنت آتيك كل فجر أناغيك، أجلس قبالة عينيك، أتصفح وجهكِ الأنيق، صفحة صفحة، وأقلبّه من جهاته الأربع، ثم أعبره من الجهة الخامسة، لأكتشف أن وجهك يفيض بالياسمين، وفيه سر، لا يفهمه سواي، ولا يتأبطه إلا أنا، ولا يتقن قراءته سواي. لا أقبل منك، يا أخي، بُعدك.. فاقبل مني حزني. ولي في الحزن عليك مآرب أخرى.
أما انتظرت، يا أخي، ولو قليلا.. لعلي أحظى بإلقاء نظرة على محياك وقسمات وجهك الطيب وبهاء طلعتك. أما انتظرت قدومي كي احضنك وأطبع على جبينك الوضاء، قبلة كنت أنت تحبها، وتخبرني أنها تمدك بالفرح. آه أيها الغالي، الذي مضى إلى غير رجعة، اتجبر الآن على روحي فأخفي نارا تتأجج في قلبي، وأخفض تلك الزفرات كلما تذكرتك، بينما هي صواعق تتجلجل في أحشائي، فأبقى أكفكف عبرات دمعي وحدي، واقبع في هذه الدنيا الفانية في انتظار دوري للحاق بك وبكل الأحبة الذين سبقتني إليهم!!. فيا رب أفرغ على قلبي صبرا.
أما انتظرت، يا أخي، قبل أن يبدأ الليل الأخير ترويدة الوداع، حتى أكمل كتابتك، أوائل الفجر، في وهج الروح رواية وحكاية، وكي اكتبني فصلا من جرح! باكِ، يا عمر، هو الدرب، حزين هو القلب. آه أيها الموت كم أنتِ قاس، لما تسلبنا الحياة، ولا تمنحنا إلا قهرا بحجم الكون.
تهيأ أيها الصباح، فشمسك غابت، والبحر صاخب لا تتركه الريح. تهيأ أيها الليل، الأكثر سوادا من الكحل، فالسماء تتلفت ولا تهدأ، وتتمرد الكلمات عصية على الجرح، ووجه الحبيب الذي كنا آنس به، يدلق الضحى على حافة الصباح المكسور، فما عدت أبصر إلا تراب قبره وضريحه، أشرب ثمالة آلامي.. فعندما غاب وجهك أيها الأصيل، غادرني قلبي، وعندما غرُبت عيونكَ عني، اختبأتُ في زاوية بين دمعتين، واحدة سالت على الخد، والثانية حاصرتني في الأهداب. فيا أيها الحزن بك يكتمل المشي إلى جرح لا يغفو.
أي أخي: أتكحل بوجعي، كما تكحلت، ذات زمن، بوجهك الوضاء.. وها قلبي ما عاد يحتمل.. سألوذ بالصمت، وبعد اليوم لن أتكلم سأبقى في صمتي.. فإني أتألم، إني أتالم... وبرحيلك يا (عمر)، اكتمل حزني، بعد أن بكى قلبي، وكبا نبضي.. فالسلام عليك يوم ولدت، ويوم تموت، ويوم تبعث حيا. سلام على عينيك النائمة على حواف القلب، سلام على رائحتك المختبئة في جوف الأرض، سلام على هذا الشوق والحنين، رحمك الله يا أخي، وإنا على فراقك لمحزونون.
أرفع أكف الضراعة خاشعا، مبتهلا إلى الرحمن الرحيم، بأن يشملك بواسع مغفرته ورحمته، وأن تكون من الذين ابيضت وجوههم، ويسكنون جنات الفردوس.. اللهم آمين.
  • Madar Al-Saa Images 0.663745513993494
ملخص الخبر:
مدار الساعة ـ نشر في 2023/05/01 الساعة 14:42