أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مقالات مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

المجني عليه


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

المجني عليه

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ
لدي أزمة حقيقية, وهي أني نضجت وتشكل الوعي عندي..في الزمن العرفي, كان المنشور السري يمثل هدية قيمة, والحزب لم يكن تنظيما بقدر ماكان حالة من القوة والثقافة والنضج...حتى باص مؤسسة النقل العام كان يمثل لنا دربا من دروب العشق، لم يكن مهما أن نصل, لكن المهم أن (فاتن) صعدت الباص وسنترك الكرسي حين تغادر, ونتبعها.
وحين امتد عملي في الصحافة ظهر الفيس بوك, والواتس أب, والتيك توك.. وظهرت الوجوه المستعارة, ومجتمع السفارات, والأن جي أوز.. وساعات (الرولكس)..ظهرت مجتمعات (الجندر).. والجينز الممزق، واليوتيوب صار يعرض كل شيء بما فيها حلقات عن الأحزاب العربية التي انهارت.. وبياناتها التي كانت تغوي الجماهير.
لا الزمن العربي وفيما بعده الزمن الديمقراطي الذي أنتج: فخري قعوار، يوسف العظم, توجان فيصل, سليمان عرار.. استطعنا أن نعيشه, ولا زمن رائد التيك توك (محمد نبيل) وزمن الإذاعات التي تتحدث فيها المذيعات عن (الطائة الإيجابية)... وزمن الوجبات السريعة.. والنشرة الجوية التي تقدمها مذيعة في غاية الجمال... استطعنا أن نقبله.
أنا تائه جدا، كان بودي أن أكون متسولا على أبواب السفارات, كان بودي أن أقوم بتأسيس مركز ممول عن حرية الحب, كان بودي مثلا أن (أرتدي) شورتا في الصيف, وإسوارة في اليد اليمنى، وأذهب إلى قبرص, وأضع صورة لي على الشاطيء وأكتب تحتها: (ماما ئلئانه علي.. حبيت أحكيلها أنا وين, هاي ماما)... كان بودي مثلا أن أربط شعري (جدولة).. ويتهمني شوفيرية (القلابات) حين يشاهدوني بأني شاب (....).
البعض تكيف وتأقلم وسار من الإنقلاب، أنا لم استطع أن أسير مثلهم.. بقيت رهين المقال الذي يكتب بالقلم، والسروال الذي يرتدى تحت الدشداشة، بقيت رهين..شفرات الحلاقة نوع (التمساح) وسردين (الميلو)..وما زلت أؤمن أن (أبو نصير) أهم من (فلوريدا)..
والجميد لايصبح (بيتيفور)...ومن المستحيل أن تربي (خروف رمسي) كبديل عن القطة في المنزل...من الصعب أيضا أن تقوم بحشي الفلافل (مايونيز)...ومن المستحيل مثلا أن تصنع من (الجرجير)...ضمة ورد.
في بلادنا لم نقم بمراعات الإنقلابات هذه، فكنت ضحية انتقال زمني سريع شهدته البلد وشهده العالم....أنا حقيقة أحسد بعض السياسيين، فقد تكيفوا مع المشهد وانقلبوا..حتى أن بعضهم صار يطلب على المكتب وجبة: (بيغ ماك)..وياما تمرغت (أكمام) الجاكيت بالرشوف في زمن مضى.
بصراحة لم استطع أن أكمل زمن يوسف العظم وسليمان عرار، ولم أتكيف أو أقبل بزمن محمد نبيل......أنا الرجل المجني عليه، والجاني هو الزمن.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ