تواجه الولايات المتحدة أزمة إقتصادية خانقة قد تجعلها غير قادرة على سد ديونها الخارجية للدول الدائنة لها, ويعزو سبب ذلك بأن الحكومة وصلت مبكراً خلال شهر كانون الثاني الماضي إلى سقف الدين الذي حدده الكونغرس الأميركي لهذا العام وهو 31.40 ترليون دولار,وبالتالي لن تستطيع الإستدانة بعدها, وهذا الدين المتزايد كان من أسبابه جائحة كورونا, والحرب الروسية -الأوكرانية, إضافة إلى سياسة بايدن الإقتصادية الخاطئة والتي تمثلت بضخ 3 ترليون دولار أثناء جائحة كورونا والتي أدت تلك السيولة إلى التضخم الذي لا تزال تُعاني منه الولايات المتحدة, والمشاكل التي تُعاني منها البنوك الأميركية وتراجع قيمة سندات الخزانة الأميركية إضافة إلى التخلي التدريجي للدول الصناعية عن إمتلاكها, وخصوصاً الصين خشية أن تقوم الولايات المتحدة بالإستحواذ عليها في حالة إقدام الصين على إحتلال تايوان، حيث تراجعت حصة الصين على سبيل المثال من هذه السندات خلال عامين بنسبة 30% (تراجعت من 1300 مليار دولار إلى 900 مليار دولار), وهناك خطورة للإلغاء التدريجي للبترودولار في العالم وخصوصاً من دول بريكس, حيث تتجه هذه الدول إلى صك عملة خاصة فيها للمبادلات التجارية والتعاملات النفطية والتي تشكل 31.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي, متفوقة على مجموعة السبع وفقاً لشركة الإستشارات البريطانية Acron Marco Consulting لهذا العام، ومن المُرجع أن تنضم لمجموعة بريكس دول أخرى ليصبح مجموع ما يمثله البريكس 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2024 وهو عام الإنتخابات الأميركية.
لقد قامت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين بإجراءات إستثنائية بعد شهر كانون الثاني الماضي لتسيير أعمال الولايات المتحدة في الداخل والخارج, إلى أن أعلن مجلس النواب الأميركي تاريخ 26 نيسان تمرير مشروع قانون جديد يهدف إلى رفع سقف الدين إلى 32.90 ترليون دولار مقابل بعض التعديلات لتخفيض الإنفاق وذلك لتقليل حجم الديون المستحقة والتي تزيد عن 120% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.
وهذه التعديلات وتقليل الإنفاق ستؤثر على سياسة بايدن التي وعد فيها الأميركيون, كل ذلك سيجعل موقفه صعباً وخصوصاً أنه أعلن ترشحه لولاية ثانية, في حين تخدم هذه التعديلات الإقتصاد الأميركي كما يراه معظم أعضاء الكونغرس من الجانبين الديمقراطي والجمهوري مما يزيد الضغط على الرئيس الأميركي بايدن.
إن عدم دعم مشاريع وسياسات الرئيس بايدن التي بدأها في الداخل والخارج ستجعل شعبيته ومصداقيته تتناقص بشكل كبير, وهذا ما قد يستغله الجمهوريون في الإنتخابات القادمة وتمهد الطريق للمرشح الجمهوري القادم للرئاسة والذي سينافس الرئيس الحالي بايدن, وسيتم تحميل الإدارة الحالية عملية تراجع الدولارعالمياً, كسوء إدارة والتي ستنعكس سلبياً على الرئيس بايدن في إنتخاباته العام القادم 2024, حيث بدأ إنخفاض إحتياط عملة الدولار العالمية من 59% في العام الماضي إلى أن يصل إلى 40% نهاية العام القادم حسب التوقعات, في ظل صعود إحتياطات لعملات أخرى جديدة مثل عملة البريكس وعملات أخرى قديمة مثل اليوان الصيني والروبل الروسي والين الياباني والريال السعودي, وصعود للعملات المشفرة.
الخبير الاستراتيجي في مجال السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا