حماس الملك وجهده لم يتوقفا لجذب الاستثمار الخارجي وتحفيز الداخلي,
وفي كل زيارة ومناسبة وفي كل لقاء واجتماع سرعان ما يقوم جلالته بالترويج للبيئية الاستثمارية في الأردن فيشرح المزايا ويتعمق في تفاصيل البيئة الاستثمارية بقوانينها وانظمتها ويقترح المشاريع.
القناعة لم تتغير بأن الإستثمار هو الحل لغالبية المشاكل الاقتصادية والاجتماعية حتى أن دولا كثيرة تطلق على المستثمر صفات أخرى مثل «مستحدث فرص العمل» للدلالة على أهميته في توفير فرص عمل.
يريد الملك أن يرى وتيرة جذب الإستثمار اسرع وتسير وفق الأهداف، فهو يتصدى لهذه المهمة بنفسه، ويحرص بالرغم من تفوق الملفات السياسية الشائكة على مناقشة رجال أعمال ورؤساء مؤسسات إقتصادية وشركات عالمية تطلعاتهم الإستثمارية وينبري بنفسه للترويج للفرص الإستثمارية, لكن ما هو مخيب تحول جموع المستثمرين الى الشكوى من بعض العراقيل ما يعكس الفجوة بين الأنظمة والحوافز والتطبيق الميداني لها أو ما يطلق عليه بيروقراطية التطبيق بدلا من بيروقراطية القوانين.
لماذا تستمر الشكوى من عرقلة الإستثمار بالرغم من أن لسان الحكومة يلهج يوميا بفتح الباب على مصراعيه أمام الإستثمار بحوافز لا سقف لها؟.
لماذا لا يتدفق الإستثمار الخارجي الى الأردن بوتيرة مرضية بالرغم من الإعلان عن حزم واسعة ولا متناهية من الحوافز؟.
هل أوضاع الإقليم هي السبب أم الفجوة بين الأنظمة والقوانين والتطبيق؟.
لكن وسط كل هذا يبرز السؤال الاهم «ما هو الاستثمار الذي نريد؟."
ربما ينبغي أن تتصف الأفكار المطروح بالواقعية من ناحية الخبرات والكفاءات التي يحتاجها المستثمر ومن ناحية اخرى توفر الامكانيات اللازمة ومنها الموارد لكن الأهم هو السؤال العريض المتعلق بنوع الاستثمار في ضوء حاجة السوق المحلية من جهة والاسواق التقليدية والمستهدفة.
أرقام الاستثمار على تحسنها لا تزال متواضعة ولا يجوز أن يرتاح له المسؤولون بإعتبارها إنجازا, فما يمكن تحقيقه أكبر من ذلك بكثير بالنسبة لبلد آمن في محيط مضطرب, فأين تكمن المشكلة؟
على المسؤولين الإجابة عن ذلك، شريطة أن تقترن خططهم بإستطلاعات ميدانية تكشف عن الإختلالات, وقليل من الوزراء يتحركون, فغالبيتهم يفضلون الأعمال المكتبية ويتخذون قراراتهم في ضوء تقارير تأتيهم ممن هم أدنى درجة في السلم الوظيفي وهي غالبا ما تكون تقارير ناقصة أو مضللة.
لا يكاد يمر يوم الا ونسمع فيه عن تأسيس أردنيين لشركات في الخليج أو في أوروبا وحتى أميركا وكندا وغيرها من الدول.. هذه خسارة فادحة !!.
الأردنيون يحتلون المراتب الأولى كمستثمرين في دول عديدة ويساهمون في كبريات الشركات فيها وهم من أكبر ملاكي العقار!.
الأستثمار هو الحل للفقر والبطالة, لكن ذات الأصوات المجمعة على أهميته تنضم يوميا إلى طابور المعرقلين ومن يعرقل يفوت الفرص ويحرم مئات الشباب من فرص عمل ينتظرونها بفارغ الصبر، ألا يمكن إعتبار ذلك جريمة يعاقب عليها القانون؟.
عندما يقوم الملك بالترويج للأردن في الخارج، يجب أن يضمن بأن هناك جهازا إداريا في المؤسسات قادر على العمل بفعالية وأمانة، ودون تردد لاستقبال المستثمرين بالصورة الأمثل وهنا تكمن المشكلة.
حذر الملك من أنه لن يكون هناك تهاون مع أي شخص يضع عقبات أمام الاستثمار، بمن فيهم الوزراء وقد لاحظ جلالته أن عملية جذب الاستثمار وتحسين بيئته تسير خطوتين للأمام وخطوة للخلف.