كان فارساً شجاعاً واظب على الدفاع عن الأردن والعرش وفلسطين والعراق وسورية بموضوعية وبحجة علمية وبمنطق وازن، لا ابتذال فيه ولا تشبيح ولا استعراض.
كان طارق تلميذ وصفي النجيب، وكان وصفي تلميذ هزاع النجيب. سلالة طاهرة مقدامة من الرجال الوطنيين القوميين الذين كانت لهم رؤى واعية مختلفة مغايرة، لما يلقيه الإعلام الموجه على العامة من اشباه حلول، نسغها المزاودة. قدم وصفي وهزاع روحيهما قربانين على مذبح الأردن سارا على درب الشهادة ووسعاه لمن يليهما من فرسان وافتديا الأردن الهائل الذي يستحق، أعلى درجات الافتداء.في هذا المناخ الأردني القرمزي صال وخاض طارق مصاروة وصلاح أبو زيد وعدنان أبو عودة ونذير رشيد وصلاح أبو هنود وعبد الرحيم عمر وحيدر محمود وإسحق المشيني وتيسير السبول وراكان المجالي ومازن القبج وفايز محمود، معركة الأردن الثقافية الإعلامية الفنية، في مناخ سياسي وإعلامي وأمني عربي، تميز بالتخوين والاغتيالات والتفجيرات الإرهابية الدموية. كتب طارق مصاروة 60 عاما، تمكن خلالها، ليس فقط من الاحتفاظ بقرائه، بل تمكن من مضاعفتهم، وظل القراء يواظبون عليه ويدمنونه جيلا إثر جيل!!ولكم أن تتخيلوا وتقدروا، سرّ هذا الرَّفق الطويل المديد، الذي لم يملّه القراء خلاله ولم يملّهم.لم يملّ طارق القلم والمحبرة والورق طيلة ستة عقود.اعتذرت لنبيلة مصاروة زوجة طارق عن إلقاء كلمة في حفل التأبين المهيب، الذي تم في المركز الثقافي الملكي.قالت لي: وين أروح من معزتك، خليتني ابكي. وأضافت: كان بودي أن تكون أول المتحدثين وأنا آخرهم. ستبقون غالين على قلبي انت وأسرتك وكل الطفايلة.قلت لها: سامحيني وليسامحني طارق. إن وقفت أمام الميكروفون يا نبيلة، لن اتمكن من الكلام. وسأبكي بكاء مُراً !!واضفت: سأكتب.قالت: كان طارق يقول محمد ابني الروحي. قلت: كان معلمي وصديقي ومحط إعجابي الشديد. لقد عرّفني على حقيقة وصفي، فجعلني من حواريه ومحبيه.قالت: طيلة مدة زواجي بطارق، لم يمر يوم واحد، دون أن يتردد اسم وصفي في دارنا، محاطا بهالات من التبجيل.طارق مصاروة كان فيلقا متقدما من فيالق الدفاع عن صورة الأردن وهويته وحقيقته القومية التي وصلتنا بفضل فروسيته وكواكب رجال الإعلام والثقافة والفن، نقية ناصعة طاهرة.وها هم كوكبة المثقفين الأردنيين الوطنيين والتقدميين، يعملون على ان تظل صورة الأردن وهويته وحقيقته المندغمة مع كفاح الأمة، من أجل الأهداف الكبرى المتمثلة في الوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية.
في ذكرى طارق .. وجدي على الزينين صاروا توالي !
مدار الساعة (الدستور) ـ