لعل شهر رمضان هذا العام مختلف تماما مقارنة مع السنوات الماضية لارتفاع اسعار السلع والمواد الغذائية عالميا وارتفاع الطلب عليها جراء حالات الجفاف التي تصيب العالم وما خلفته جائحة كورونا وما نتج عن الحرب الروسية الاوكرانية وتأثيراتها على معدلات التضخم بالاضافة الى ارباك سلاسل التوريد، غير اننا بالمملكة لم نشعر بكل هذه المتغيرات وبقينا مستقرين كما كل رمضان يمر علينا، فلماذا؟
اليوم ونحن على مشارف الانتهاء من عبادة الصوم وهذا الشهر الفضيل، لابد من الاعتراف بأن الاستقرار الذي نشهده حاليا له اسباب دفعت باتجاه استقرار اسعار المواد الغذائية وتوفرها بكميات كبيرة تكفي لشهور ومن مختلف الاصناف، ولعل ابرزها الدور الكبير الذي لعبته وزارة الصناعة والتجارة والتموين وبالشراكة مع القطاع الخاص للوصول الى هذه الغاية من خلال التنسيق والتعاون وتسهيل الاجراءات امام المستوردين والتجار والصناع في ان واحد.
استمرار الحكومة باعفاء السلع الاساسية من ضريبة المبيعات وتوفير وسائل تمويلية مريحة للمستوردين ودعم اجور الشحن البحري و البري معا، والاستمرار بتوحيد الرسوم الجمركية لمئات السلع ورفع اسعار الفائدة وغيرها من الاجراءات ساهمت في بقاء الحال على مهو عليه دونما تأثير محسوس من قبل المواطنين والمستهلكين وبشكل عام، فلم نسمع طيلة الشهر عن ارتفاع اسعار سلعة او انقطاعها باستثناء مادة الدجاج والتي يؤكد مزارعوها ومنتجوها على ان الاقبال عليها فاق التوقعات وبأن حجم الاستهلاك عليها تضاعف مقارنة مع السنوات الماضية، وباستثناء ?ذه السلعة فلم نشهد اي شكوى او تذمر من انقطاع سلعة او شطط على اسعار اي منها.
حالة النشاط التجاري التي شهدتها الاسواق خلال شهر رمضان الحالي تؤكد بان القوة الشرائية للمستهلكين ما زالت متناسقة مع اسعار السلع لدينا وبان أسعارها لم تشهد اي ارتفاعات وان الحكومة نجحت بكبح جماح التضخم والذي بدأ يعصف بدول العالم، بالاضافة الى محافظتها على احتياطي اجنبي يصل لـ 17 مليار دولار وقادر على الاستيراد لمدة تزيد عن 7 شهور وهذه مدد كافية ومطمئنة لحد الاسراف فيها، بالاضافة الى الاقبال الكبير الذي تشهده المملكة من السياحة الاجنبية والتي رفعت الطلب على الدينار لمستويات تؤكد اننا ما زلنا بالف خير، وما كا? كل هذا ليتحقق لولا ان هناك اجراءات اتخذت ونفذت على ارض الواقع من قبل الحكومة وفريقها.
رمضان شهر الخير والبركة ها قد شارف على الانتهاء، غير ان التحديات التي تحيط بالعالم والذي نحن جزء منه ما زالت مستمرة ولم تنته، فسلاسل التوريد ما زالت تتخبط وتتذبذب واسعار السلع عالميا كذلك، وهذا يتطلب منا مزيدا من التفكير والتمحيص واعادة النظر بانماط استهلاكنا لنستطيع مواجهتها دونما اي تأثير على حياتنا المعيشية ولا على معدلات التضخم لدينا ولكي نتجنب ما وقع به غيرنا من الدول علينا ان نثق بادرتنا وحصافتها بهذا الشأن، ولكم بالدول الاخرى عبرة يا اولي الالباب.