حدث في السودان ما كان متوقعاً، السودان التي خرج الشعب وتمكن من إسقاط النظام العسكري السابق الممثل بالرئيس عمر البشير، ولكن رغم دماء الشهداء والجرحى إلا أن العسكر لم ولن يتخلى عن السلطة بسهولة من ظاهر الحال، وعاد وأمسك فيها من خلال الجيش وما يسمى قوات الرد السريع.
خرج الشعب السوداني قبل سنوات من أجل المطالبة بالحرية والمشاركة السياسية وتحسين الأوضاع الاقتصادية، ولكن العسكر تصدى وعرقل كل ما يمكن له أن يكون في الصالح السوداني وذلك بوصول القوى المدنية للحكم والسلطة وعلى أساسها قامت الثورة من أجل إزاحة النظام السابق.
كنا في السابق نتحدث بأن السودان سوف يدخل معتركا ليس بالسهل، كون أن القوة العسكرية مقسمة ما بين الجيش وما يسمى بـ «قوات الرد السريع» ورغم المؤشرات التي تدل بالظاهر على أنهم على خط واحد واتفاق إلا أن ما يجول في أروقة كل قيادة منهم بعكس هذه الصورة، إذ تحاول السيطرة على المشهد للوصول للسلطة وحدها والسيطرة على زمام الأمور.
لا شك بأن الجيش عندما انقلب على الحكومة الانتقالية المدنية في العام 2021، كانت هناك مصالح للجهتين العسكريتين اللتيْن لا ترغبان بالخروج من المشهد بل وتبطئان من عملية انتقال السلطة للشعب.
إلا أن ضغوطات الشارع والقوى المدنية جعلت قائد المجلس السيادي السوداني البرهان يصرح قبل أيام بضرورة الوصول لحكم مدني وتسليم السلطة للشعب، ومن خلال هذا التصريح يظهر لنا بأن تلك المسألة هي محاولة سياسية ومناورة من أجل العمل على اندماج قوات الرد السريع مع الجيش، ولكن أغلب القوى السياسية تعرف بأن هذا الاندماج لن يكون بالسهل، ومن الممكن حدوث شرخ في الدولة السودانية.
وحصل هذا الشرخ فعلاً عندما تشابكت قوات الجيش والرد السريع بداية الأسبوع الأخير من شهر رمضان، ولعلنا هنا نستطيع التوقع بأن السودان سوف تدخل في حرب أهلية لن تنتهي بوقت قصير، وسيكون الخاسر الأكبر فيها المواطن السوداني الذي يعاني اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، لهذا على المجتمع الدولي التدخل فوراً لإنهاء هذا الصراع والمساعدة على تسلم المدنيين للسلطة وعودة العسكر إلى ثكناتهم.