أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات برلمانيات جامعات أحزاب رياضة وظائف للأردنيين مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مستثمرون مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

صالونات وتكريمات


بلال حسن التل

صالونات وتكريمات

مدار الساعة (الرأي الاردنية) ـ
لا يحتاج المرء إلى طويل تأمل ليكتشف أن سلسلة من الاختلالات قد أصابت حياتنا الثقافية فزادتها وهنا على وهن.
أول هذه الاختلالات وأخطرها هو حرف الفعل الثقافي عن مساره الحقيقي، وتفريغه من مضامينه التي تؤدي إلى تعزيز المشهد الثقافي، من ذلك أن حفلات توقيع الكتب صارت في بلدنا نشاطات اجتماعية، يدعى إليها الأهل والاقارب والاصحاب والخلان، ممن لا علاقة لهم بالفعل الثقافي، ولا الهم الثقافي، ولا الإنتاج الثقافي، وبالتأكيد لا علاقة لهم بموضوع الكتاب، بل أن بعضهم صار يؤمن وسائط لنقل المدعوين لحضور حفل توقيع كتابه، مما يذكرنا بالممارسات الانتخابية المتخلفة.
فإذا أضفنا إلى ذلك أنه عند الاستماع الى من تم تكليفهم بتقريض الكتاب نكتشف في معظم الأحوال أنهم لم يقرؤوه، لذلك فإنهم يهربون للحديث عن صاحب الكتاب ومزاياه، او أنهم يهربون للعموميات.
بهذه الصورة التي عليها حفلات توقيع الكتب في بلدنا إلا من رحم الله، فإنها لم تشكل أي إضافة نوعية لمشهدنا الثقافي، بل أساءت إليه.
الاختلال الثاني الذي أصاب حياتنا الثقافية، والمتمثل بالتوالد السرطاني للصالونات الثقافية في بلدنا، دون أن نرى لمعظم هذه الصالونات أثرا في إثراء المشهد الثقافي الأردني، علما بأن التدقيق في وجوه بعض المشاركين في هذه الصالونات يقود إلى الجزم بأنه ليس لهم أي إسهامات أو اهتمامات ثقافية، مما حول هذه الصالونات إلى نشاط اجتماعي شللي، لا علاقة له بمفهوم صالونات الأدب والثقافة، لذلك فإن هذه الصالونات لم تقدم أي إضافة نوعية للمشهد الثقافي الأردني.
الخلل الثالث الذي يستشري في حياتنا العامة، ومنها المشهد الثقافي يتمثل في ظاهرة التكريمات وتوزيع الدروع وصرف الألقاب، علما بأن الكثير من الجهات التي تصرف دروع التكريم والالقاب والاوصاف، ليست جهات معروفة ولا مؤسسات مرخصة ومعترف بها، مما يجعل هذه التكريمات بلا معنى وبلا قيمة، غير اساءتها للمشهد الثقافي، وتعظيمها للغث على حساب السمين.
إن مجمل هذه الاختلالات وغيرها، اغرق الساحة الثقافية الأردنية بحالة من الفوضى التي يختلط بها الحابل بالنابل، والغث بالسمين، وان كان الغث أكثر حضورا وأعلى صوتا، مما يعني المزيد من الضعف لواقعنا الثقافي، الذي يشهد تراجعا ملحوظا في الإنتاج الجاد، الذي يمكن أن يثري حياتنا الثقافية، لتستعيد ألقها الذي عاشته في القرن الماضي، ايام كانت تعج ساحتنا الثقافية بأعلام كبار من الشعراء وكتاب القصة القصيرة والرواية وغيرها من اصناف الثقافة والأدب، وقد كان هؤلاء الأعلام قادرون على المنافسة عربيا، وتحقيق حضور لافتا لهم محليا ?خارجيا.
لقد أدت جملة من العوامل لبروز هذه الاختلالات في المشهد الثقافي الأردني، اهمها غياب المشروع الثقافي الوطني، كذلك غياب حركة نقد ادبي جاد تردع عمليات استباحة هذا المشهد وتفرز الغث من السمين، بالاضافة إلى سهولة النشر التي لم يعد لديها في الكثير من الأحيان ضوابط تمنع البغاث من أن تستنسر في حياتنا الثقافية.
مدار الساعة (الرأي الاردنية) ـ