ليس من السهل الحديث عن الجوار الإقليمي للأردن وتداعياته على الاقتصاد الوطني بكل تفاصيله وقطاعاته، فهو متأثر بالصدمات والتحديات بشكل مباشر تنعكس دائماً على تنميته واستقراره.
التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها الاقتصاد الأردني صعبة، فهو يقبع في وسط أزمات تعصف بالمنطقة، وتحت وطأة ضغوط اقتصادية عالمية متزايدة.
في فلسطين، يتعرض الشعب الفلسطيني لقمع وحصار من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، ومما يزيد الوضع تعقيداً بروز دور أكبر لليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يرفض حل الدولتين، مما يقلل من فرص تحقيق السلام ونيل الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة.
ويعاني لبنان من أزمة مالية خانقة يرافقها عدم التوافق بين فئاته المختلفة، مما أوجد حالة من عدم الاستقرار والترقب.
أما المشهد العراقي، فحالته ليست واضحة ويترابى فيها حالة عدم اليقين، في ظل تنامي الأدوار الإقليمية والدولية في الساحة هناك، وتصاعد حالة التوتر بين الفرقاء السياسيين.
وما زال الملف النووي الإيراني يثير الكثير من التساؤلات حول الاحتمالات التي يمكن أن ينتهي إليها.
وما زالت سورية تعاني من آثار الحرب الأهلية التي شهدتها، والتي أدت إلى احتلال جزء من أراضيها من قبل قوات أجنبية.
تؤثر هذه الأزمات وغيرها بشكل مباشر على أمن الأردن واقتصاده، كما أنها تعيق بناء جسور التعاون الإقليمي وتؤثر سلباً على البيئة الاستثمارية في المنطقة.
هنا لا بد من الإشارة والإشادة بالجهود الملكية، الساعية إلى معالجة هذه الأزمات وتهدئة الأوضاع في الإقليم بشكل عام، وتنطلق هذه الجهود الخيرة من تصميم القيادة على الحفاظ على استقرار الأردن وأمنه وازدهاره.
أما الضغوط الاقتصادية التي واجهها الأردن وما زالت، فهي نتيجة لعوامل عدة فرضتها الأحداث السياسية والصحية في العالم. فقد كان لجائحة كورونا ومن ثم الحرب الروسية الأوكرانية أثر كبير في ارتفاع أسعار النفط وأجور الشحن الجوي والبحري وارتفاع كبير في أسعار القمح والمواد الغذائية الأخرى، وكذلك في أسعار المواد الأساسية والأولية اللازمة للإنتاج مما أدى إلى زيادة نسبة التضخم العالمي وتراجع التوقعات في نسب نمو الاقتصاد العالمي.
لقد أثرت هذه الضغوط التضخمية العالمية على الأردن ولكن بنسبة أقل من العديد من دول العالم بسبب إجراءات حكومية كانت لها تكلفة عالية على الوضع المالي والاقتصادي. فقد تحملت الحكومة تكلفة عدم رفع أسعار المحروقات حفاظاً على مستوى معيشة المواطنين بما يزيد على 500 مليون دينار، كما أرجأت مشاريع رأسمالية كانت ضرورية لتحريك النشاط الاقتصادي.
ومع كل هذه التحديات الكبيرة، إلا أن الأردن نجح بشكل كبير في الحفاظ على استقراره الاقتصادي المتمثل في الاستقرار النقدي والمالي معاً وبشكل متميز في منطقة سريعة التقلبات. حتى على مستوى الأسعار، فقد بقيت مستوياتها الأقل في المنطقة وبمعدلات تضخم هي الأقل.
الأردن دولة اعتادت على تلقي الصدمات، ومع مر العقود بات اقتصادها أكثر منعة وصموداً وقدرة على مواجهة هذه الصدمات، وأكثر قابلية في التعامل معها والخروج بأقل الخسائر مقارنة مع كثير من الدول التي سرعان ما تنهار أنظمتها الاقتصادية مع أول أزمة دولية وإقليمية.