وكأنه كتب على السودان الشقيق، هذه الدولة العربية القومية ان تبقى تحت التحديات وان لا تخرج من الأزمات وان تبقى تقارع الحروب وان تعيش وسط الدماء والاقتتال الداخلي بين ابنائها وشعبها.
ومنذ عشرات السنوات لم نسمع عن الهدوء ولم ير شعبها الاستقرار ولم يهنأ براحة البال يوما ، فكل يوم يصحو على صوت البارود ويشتم رائحة الدماء التي تملأ الطرقات وفي كل مكان .
فالدولة قُسمت وخرج من رحمها دولة ودويلات تحكمها امم ميليشيات تاركين دولتهم وشعبها يرزحون تحت الفقر والحاجة والمجاعة والتشرد وبلدهم كله نعم وخيرات ، لو استغلت وتم استثمارها لكانت بحال أفضل واوضاع مستقرة.
وفي شارع الربيع العربي ابان ازدحامه ركب شعب السودان قطار الثورة مطالبين بالحرية رافعين شعار الحرية والعدالة، لتقف عربتهم في محطتها الأولى بزوال نظام البشير ويتسلم العسكر زمام الامور لفترتين بعد ان اطاحت الحالية بالسابقة ، على أمل يتحول الحكم الى نظام مدني بعد عامين ضمن اتفاق ابرم بين الطرفين المدني والعسكري، الذي حان قته واستحق الالتزام ، ليصحو السودانيون على فاجعة وكارثة كبرى وهي خلاف ونزاع بين المكون العسكري نفسه تحول الى قتال اشبه بحرب ببن الجيش نفسه ، المدجج بالسلاح من خيرات أرض السودان ، التي من الأولى ان تكون لإدارة وبناء الدولة لا الى خرابها ودمارها.
خلاف حطم احلام السودانيين واضاع أجمل لحظاتهم بعد ان أضاع ثورتهم وقتل فرحتهم ودمر نصرهم وقطع عليهم الطريق بعد اول خطوة نحو الحرية والعدالة وبناء الدولة على حساب دماء شهدائهم واعادهم الى المجهول مرة أخرى.
انه قدر السودانيين بأن تبقى رائحة الموت من حولهم وفي كل مكان وان لا يسمعون غير صوت الحرب والبارود من كل اتجاه تحمل صورة او بصمة الميليشيات التي تأسست وتسلحت واصبحت كل واحدة منها تدير ولاية او منطقة بأسلوب اشبه بالحكم الذاتي او الانفصال بعد ان عززت نفسها بالسلاح وحده، دون ان نعرف مصدره وآلية تمويله وكيفية الحصول عليه، تاركين أرض السودان وخيراتها لمن يتربص وينتظر ساعة الانقضاض لقطفها ، بعد ان عجزت انظمته على توحيدها وإنهاء الحركات وضمها لدولة واحدة دون ان نعرف من هو خلف هذا ومن المستفيد ؟؟؟
حال واوضاع لن تسفر الا مزيد من الانقسام وصناعة مليشيات جديدة وحالات اشبه بالانفصال وعدم الاستقرار والذهاب الى مصير مجهول.