النظرة القاصرة هي فقط من تذهب لخيار تأجيل الأقساط فتجد من خلاله حلا لمشاكلهم الوقتية والمرتبطة بفتره قصيرة، فسرعان ما تنتهي فؤائد التأجيل وسرعان ما تعود تلك المشاكل، فلماذا نصر على الإبقاء على ثقافتنا الاستهلاكية بينما نرى العالم من حولنا يتغير ؟، فكل ما هو حولنا يلزمنا بأن نسرع بالذهاب لتغيير أنماط استهلاكنا، فالأمس ليس كما اليوم ولن يكون الغد افضل حالا من اليوم.
لنتفق اولا أن كل شيء يتغير سياسيا واقتصاديا ومناخيا في العالم اجمع، وان كل شيء في العالم يتغير في الإنتاج والزراعة والتصنيع وكما أن العالم بات على مفترق طرق ومتغيرات جذرية يجب علينا أن نتعاطى معها وان لا ندفن رؤوسنا في الرمال وان نتعامل بمعزل عما يحدث حولنا وان نبقى نحمل الدولة وحكوماتها المسؤولية الكاملة، فجزء من هذه المسؤولية وان لم تكن كلها من مسؤوليتنا نحن المستهلكين كوننا دولة أصبحت تستورد اغلب ما تستهلكه، وهذا يتطلب منا جميعا أن نتجه لتصويب أنماط استهلاكنا للتوافق مع ما يحدث مع العالم، فلماذا نصر على أننا نعيش في فترة قمرة وربيع ؟
ما نشهده حاليا في معدلات الاستهلاك والاستمرار بنفس الانماط يتنافى ويتناقض مع ما نشهده في العالم من متغيرات جذرية وعلى كافة الاصعدة فتخيلوا يا رعاكم الله أن أسعار المحروقات ورغم ما تشهده من ارتفاعات على اسعارها و يرافقها كثير من التذمر والشكاوى من هذا الارتفاع غير أن استهلاكها محليا وتحديدا مادتي البنزين 90 و95 اوكتان زادت بواقع 10-15% خلال اول شهرين من العام الحالي.
واليكم ان تتخيلوا وبالرغم من الضيقة المالية التي يشتكي منها البعض ما نشهده من ولائم وعزائم والهدر في الطعام وفي كل يوم وهذا ما نشهده من ارتفاع الاستهلاك على مادتي الدجاج واللحوم والتي تشهد اسعارها ارتفاعا نتيجة ارتفاع الطلب عليها مقارنة مع السنوات الماضية بالرغم من ان كميات الانتاج هي ذاتها، وتخيلوا اننا ما زلنا نهدر نسبا عالية من المياه رغم شحها وترتفع فاتورة السفر السياحي للخارج عما كانت عليه في الماضي .
في اوروبا اليوم وعلى سبيل المثال لا الحصر اصبح المواطنون هناك وحتى المقيمون ونتيجة الظروف التي تعرضوا لها يشترون الخضار والفاكهة بالحبة ويركبون الدرجات الهوائية ويتوجهون للاغذية النباتية ويحولون فواتير سفرهم لمصاريف اخرى هي اكثر اولوية، وغيرها وغيرها من التغيرات بمعدلات الاستهلاك لديهم والتي نرفض نحن اليوم ان نغيرها بينما نستمر بالمطالبة بحلول وقتية كتأجيل الاقساط. رغما عن ضررها.
القادم وبكل تأكيد صعب على مستوى العالم بخصوص كل شيء وتحديدا السلع الغذائية الرئيسية والطاقة والمياه وهذا يستوجب علينا ان نفكر جديا في تعميم ثقافة الاستهلاك وترشيدها في كل شيء تمهيدا للايام والسنوات القادمة والتي ما زلنا نجهل ما تحمل لنا، ومن هنا لابد لنا في البدء بضبط وتغيير نمط الاستهلاك الدارج ومن خلال كافة الجهات الرسمية والتعليمية والمساجد والكنائس والجمعيات وصولا الى تطبيق و اتباع المثل الشعبي القائل «على قد الحافك مد رجليك » للنجوا من القادم.