أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس الموقف شكوى مستثمر شهادة مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

الأردن.. الطيور تنال حصتها من موائد رمضان

مدار الساعة,أخبار الأردن,اخبار الاردن,الجامعة الأردنية
مدار الساعة ـ
- مبادرة استثنائية يعمل عليها محمد العياصرة منذ أكثر من 50 عاماً
- العياصرة يجمع بقايا وجبات الإفطار ويوزع الصّالح منها على المحتاجين ويطعم بالتالف الطيور في البرية
- محمد الخطيب، أستاذ الشريعة بالجامعة الأردنية قال إن عمل العياصرة يدل على تعظيمه لنعم الله عزّ وجل
حجم الخط
مدار الساعة - ليث الجنيدي/ الأناضول - من المعروف أن الطيور تهرب وأنت تقترب منها وفي يدك طعام؛ لأنها ترى أن الحرية أغلى من الخبز، لكنها وعلى الرغم من صفتها تلك، إلا أنها تنصاع للأردني محمد العياصرة وخاصة في شهر رمضان لأنها تعوّدت الطعام من يديه منذ أكثر من 50 عاماً.
العياصرة (75 عاماً)، يقوم بمهمة إنسانية، تتمثل بجمع ما يزيد عن حاجة الناس من وجبات إفطارهم الرمضانية، وتوزيع الصّالح منها على المحتاجين، وأما التالف فيقدمه طعاماً للطيور في البريّة.
بمدينة "ساكب" التابعة لمحافظ جرش شمالي البلاد، انطلقت تلك المبادرة، والتي بين العياصرة للأناضول أنها كانت بالتزامن مع مبادرة أخرى قام بها وتمثلت بجمع نسخ من القرآن الكريم وترميمها وذلك منذ عام 1970.
** أجمل منظر
مراسل الأناضول تابع ما يقوم به العياصرة، والذي تبين بأنه يحرص على ترتيب الأطباق وإعدادها للمحتاجين بنفسه، مؤكداً بالقول: "هي لله، لذلك يجب أن تكون بأجمل منظرٍ وصورة".
افترش السبعيني الأردني أرضاً قريبةً بين أحراش جرش دائمة الخضرة، في منطقة قريبةٍ من منزل يعود لأحد أبنائه، وقد أحاطوا به من كل جانب هم وأحفاده، وعيونهم تنطق فخراً وفرحاً لما يقوم به والدهم.
بيدين ترتجفان، أمسك العياصرة مغرفةً وبدأ بوضع الأرز داخل أطباقٍ خاصة، ثم أضاف فوقها قطعة من الدجاج، وقام أخيراً بتغليفها عبر قطعة من القصدير المخصص لحفظ الأطعمة.
أنهى أبو زكريا، وهذه كنيته، تعبأة الأطباق بما توفر لديه من طعام، تمكن من جمعه بسيارته الخاصة، من منازل أناس مختلفين تواصلوا معه واخبروه بما لديهم الفائض من الطعام.
** وجبات للطيور
لم تنتهِ المهمة، فمتكأً على يديه، وقف العياصرة، وطلب من أبنائه وأحفاده إحضار "السّجادة" ليتين بأن مساحتها الصغيرة هي عنوان مبادرته التي تنطق بالرحمة والإنسانية تجاه طيورٍ تحلق فوق رأسه وتنتظر وجبتها التي اعتادت عليها.
بدأ المسن الأردني بنثر بقايا الطعام وتحديداً من الأرز فوق قطعة السجاد الصغيرة، مُطلقاً صوتاً غير مفهوم للطيور، لتأتي إليه مسرعةً، وكأنها علمت من خلاله بأن وجبتها أصبحت جاهزة.
وعلى هامش إنجاز مهمته قال العياصرة للأناضول: "هذا الطعام هو فائض عن حاجة الناس في وجبات إفطارهم برمضان، ورميه دون الاستفادة منه هذر وإفساد سنحاسب عليه يوم القيامة".
وتابع: "أقوم بذلك منذ عام 1970، وهي مبادرة تزامنت مع مبادرة إصلاح النسخ التالفة من المصاحف وترميمها، وهي لا تقل أهمية بالأجر عنها".
وأضاف "على مدار تلك السنين، وخلال شهر رمضان المبارك، أقوم بنشر رقم هاتفي المحمول وتعميمه على الناس، وأطلب منهم إبلاغي بما يفيض عن حاجتهم بعد تناول الإفطار".
واستدرك "أذهب إليهم بسيارتي بمساندة أبنائي وأحفادي، ونقوم بجمع كل الكميات الموجودة، ثم نبدأ العمل عليها، وذلك بتغليف الصالح منها وتوزيعه على المحتاجين، والتالف أقدمه هنا لهذه الطيور".
وأوضح العياصرة أن "شهر رمضان هو موسم لتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي بين الناس، وفرصة لنيل الأجر والثواب، وهذا ما أحرص عليه، فأنا لا أبغٍ إلا وجه الله".
أما بالنسبة للطيور، فقد اعتبر بأنها "كائنات تحصل على طعامها من البريّة، وبهذه الطريقة أهون عليها البحث، وأحفظ بقايا الطعام من أن تلقى مع النفايات، وهذا أمر سيحاسبنا الله عليه".
** مبدأ ديني
محمد الخطيب، أستاذ الشريعة بالجامعة الأردنية (حكومية) قال للأناضول: "مما لاشك فيه أن الإنسان المسلم ملتزم دائماً بعدم الإسراف في الطعام، وذلك لقوله تعالى ولا تسرفوا إنا الله لا يحب المسرفين".
وأضاف "ذلك لأن الإسراف في الطعام يؤدي إلى محق البركة في نعم الله عز وجل، ولهذا نجد أن الكثير من الناس وخاصّة في شهر رمضان، يكثر من أصناف الطعام الكثيرة، والتي في نهاية المطاف لا يُأكل إلا القليل منها، وهذا يؤدي إلى ضياع الكثير من الطعام ورميه في القمامة، وهذا دليل على أن الإسراف يؤدي إلى غضب الله عز وجل على الإنسان".
وزاد الخطيب "لهذا، فإن عمل الخير الذي يقوم به هذا الشخص الصّالح يدل على تعظيمه لنعم الله عزّ وجل، التي يجب على الإنسان المحافظة عليها، وخاصة في ظل وجود الكثير من الفقراء والمساكين الذين نجدهم في أرجاء الوطن بحاجة ماسة إلى الطعام حيث لا يجدون شيئاً يقتاتون به".
ولفت "إن هذا العمل الخيري هو عمل يؤجر عليه (العياصرة) أجراً كبيراً بإذن الله؛ لأنه يقوم بحفظ هذه النّعم وإعطائها لمستحقيها، وكذلك بقية الطعام يطعمها لمخلوقات الله عز وجل".
وختم الخطيب: "هذا إن دلّ على شيء يدل على قدرة هذا الإنسان الفاضل في عمل الخير للإنسان والحيوان، فجزاه الله خيراً، ويجب على كل مسلم أن يقتدي بهذا العمل الخيري؛ لأنه يدل على خوفه من الله وخوفه على نعم الله عز وجل".
مدار الساعة ـ