لا شك أن لكل دولة من دول العالم معارضة من أبناء جلدتها, سواء كانت تلك المعارضة من الداخل أم من الخارج, والمتفحص للمعارضة في عالمنا العربي يجد أن الطابع العام للمعارضة العربية تكون من خارج الدولة, في حين أن الطابع العام للمعارضة في العالم الآخر تكون من داخل الدولة, ولكل منهما اسباب تشكله من حيث العمل من الداخل أم من الخارج.
ويبقى السؤال المحوري هنا: كيف تتعامل المعارضة الخارجية في عالمنا العربي مع أسرار الدول التي ينتمون لها؟ مقارنة مع تعامل المعارضة الداخلية في العالم الآخر مع أسرار الدول التي ينتمون لها, وقبل الخوض في الإجابة على مثل هذا السؤال المحوري, يجب أن نحدد ما شكل ومضمون أسرار الدولة بشكل عام.
يعتقد الكثير في هذا العالم أن أسرار الدولة أية دولة هي تلك المعلومات الخاصة في الدولة, والتي يؤدي خروجها وإفشاءها والتصريح بها إلى إضرار بمصالح الدولة او يشكّل حرجاً لها وتمس أمن وهيبة الدولة وسلامتها, حيث أن إفشاء مضمون هذه الأسرار يعمل على إحداث تأثير سلبي على الجانب المادي والمعنوي للدولة, مالم يؤذن بنشرها.
وللإجابة عن السؤال المحوري السابق: كيف تتعامل المعارضة الخارجية في عالمنا العربي مع أسرار الدول التي ينتمون لها؟ مقارنة مع تعامل المعارضة الداخلية في العالم الآخر مع أسرار الدول التي ينتمون لها, يمكن لنا التوقف عند بعض النماذج في هذا العالم, ففي المعارضة الداخلية الأميركة مثلاً لم نشهد على مدار التاريخ أن هذه المعارضة صرّحت بمعلومات خاصة بأمريكا من شأنها أن الإخلال بالأمن القومي الأمريكي, مع أن لدى أمريكا الكثير من المعلومات السريّة حولها وحول العالم.
وفي المعارضة الداخلية الإسرائيلية أيضاً نجد أن هذه المعارضة تحتفظ بالمعلومات الخاصة للدولة ولا تبوح بها, وتعلم أن خروجها وإفشاءها يؤدي إلى إضرار بمصالح الدولة او يشكّل حرجاً لها وتمس أمن وهيبة الدولة وسلامتها لديهم, وأبعد من ذلك وفي الجانب الآخر نجد أن المعارضة الإيرانية من الداخلية ومن الخارجية لا تتكتم ولا تبوح بالمعلومات الخاصة في الدولة, مع محاولات كثير من الدول الأخرى اختراق هذه المعارضة للوصول إلى كثير من المعلومات الدقيقة وبالذات المعلومات حول البرنامج النووي والذي تسعى إيران لتطويره.
في عالمنا العربي وكنماذج للمعارضة من الخارج.. نجد أن الصورة مختلفة تماماً, وتحتاج إلى مزيد من الدراسة والتحليل, حيث أننا نجد أن المعارضة من الخارج تسعى دوماً وباستمرار للأسف الشديد للحصول على أدق المعلومات السريّة عن الدول التابعين لها, وذلك من أجل نشرها وإفشاءها للعمل على لإضرار بمصالح الدولة, وايجاد حرجاً لها للإخلال بأمن وهيبة الدولة وسلامتها في الجانب المادية والمعنوية.
وهنا ساقف عند النموذجين من المعارضة, نموذج داخلي (غير عربي) يسعى إلى بناء الدولة وتجويد برامجها التنموية والمشاركة فيها مع معارضتهم للنهج السائد, ونموذج خارجي (عربي) يسعى إلى هدم الدولة وعرقلة برامجها التنموية وعدم المشاركة فيها مع معارضتهم للنهج السائد,, وثمة جملة من التساؤلات هنا يمكن الاشارة إليها: من المسؤول عن جعل المعارضة في عالمنا العربي خارجية؟ ثم كيف لنا أن نجعل المعارضة إن كانت لابد منها في عالمنا العربي داخلية الطابع تسعى إلى بناء الدولة وتعمل تجويد برامجها التنموية والمشاركة فيها مع معارضتهم للنهج السائد؟
في عالمنا العربي ينبغي أن يُطلب من المعارضة والتي تعمل من الخارج عدم إفشاء اسرار الدولة وتسريب وثائقها والعمل على حفظها وكتمانها وضمان سريتها, فكثير من دول العالم وضعت تشريعات صارمة لحماية اسرارها ووثائقها الخاصة بها, وذلك من خلال تجريم هذا العمل وأن يترتب عليه أقصى العقوبات الممكنة, حيث أن تطوير تشريع من شأنه التزام المعارضة بعدم أفشاء أسرار الدولة من جهة, وحقه في التعبير المنضبط عن الرأي أو توجيه النقد بأي من الوسائل المشروعة من جهة أخرى.