مدار الساعة - بالرغم من ارتفاع مستوى البطالة داخل الأردن فإن حكومة البلاد منحت مؤخراً تسهيلات للعمالة من السوريين فيما يخص العمل في الإنشاءات، التي يراها البعض أنها جاءت على حساب أبناء البلد.
الحكومة، وقبل الإعلان عن قرارها الخاص بالعمالة السورية، كانت قد مهدت للرأي العام عن نيتها تنظيم ملف العمالة السورية في المملكة من خلال تحديد أماكن عمل السوريين فقط في أربع مناطق تنموية وصناعية، وهي إربد، والمفرق، والكرك، والموقر؛ بهدف إحلال العمالة السورية بدلاً من الآسيوية التي تنتشر بشكل كبير داخل المصانع ضمن المناطق الأربع.
وأعلنت منظمة العمل الدولية، في 10 أغسطس الجاري، أن الأردن بدأ بإصدار تصاريح عمل للاجئين سوريين عاملين في قطاع البناء، تكون غير مرتبطة بصاحب عمل معين.
وبينت المنظمة في بيان أن هذه التصاريح هي الأولى من نوعها في المنطقة العربية منذ اندلاع الأزمة السورية في 2011.
يأتي ذلك وسط أرقام رسمية تحدثت عن أن معدل البطالة في الأردن بلغ خلال الربع الأخير من العام الماضي 14.6%؛ وأظهرت نتائج دراسة حديثة لمنظمة العمل الدولية أن نحو 51% من اللاجئين السوريين خارج المخيمات يعملون في سوق العمل الأردني.
رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في الأردن، مازن المعايطة، أكد أن "سوق العمل يضم 600 ألف سوري يعملون في المهن الإنشائية والزراعية والخدمية".
وأضاف: "يوجد لدينا ما يزيد على مليون عامل وافد، منهم 100 ألف عامل مصري، ونحو 600 ألف سوري في سوق العمل".
وقال المعايطة: "لا بد من توثيق العمال غير النظاميين؛ فلجأنا لإصدار تصاريح عمل كمرحلة أولى، مدتها ستة أشهر، تستهدف ستة آلاف عامل سوري يعملون في قطاع الإنشاءات".
وعن القطاعات التي يعمل بها السوريون على وجه التحديد، بيَّن المعايطة أن "جلهم يعملون في قطاع الإنشاءات والزراعة والخدمات؛ على اعتبار أن المهن الأخرى مغلقة أمامهم ومحصورة في العمالة الأردنية".
- بين العمالة المصرية والسورية
لم يخفِ عدد من المواطنين تخوفهم من وجود العمالة السورية في المملكة، إذ إن العامل السوري- بحسب رأيهم- ينافس العامل الأردني في كل شيء، في حين يكتفي العامل المصري بعددٍ محدود من الأعمال الصعبة، التي لا يستطيع العامل الأردني المنافسة عليها.
وطالب أردنيون، عبر "الخليج أونلاين"، الحكومة بالسماح باستقطاب العمالة المصرية الوافدة، وإرجاع الرسوم المفروضة على ما كانت عليه بعد أن تكبد القطاع الزراعي في الأردن خسائر فادحة؛ بسبب الأوضاع الراهنة في المنطقة العربية والبلدان المحيطة بالمملكة.
مرام عليان، وتعمل في مشاريع دعم اللاجئين السوريين بالأردن، أشارت إلى أن "منح تصاريح عمل للعمال السوريين اللاجئين لن يؤثر على فرص عمل الأردنيين والمصريين، بل إنه سيجعل الفرص متساوية في قطاع الإنشاءات بين الجميع".
وأوضحت أن "العامل السوري أصبح يتمتع بوضع قانوني، من خلال حصوله على تصريح عمل، ما يضع حداً لاستغلاله من قِبل صاحب العمل".
وأضافت عليان لـ"الخليج أونلاين" أن "هذا الإجراء لا يؤثر على العمالة المصرية التي تعمل في هذا القطاع، خاصة أن العامل المصري يأتي ضمن عقد استقدام من بلاده، وبإمكانه العودة إلى بلاده وقتما شاء، أما اللاجئ السوري فباقٍ هنا، وأصبح مثل المواطن المقيم".
- حلم تحقق
مراد الزعبي، وهو محام سوري لاجئ في الأردن، ويعمل في قطاع الإنشاءات، تحدث عن قرار وزارة العمل الأخير فيما يتعلق بتصاريح العمل، واصفاً إياه بأنه "حقق أحلام العمال السوريين بالمملكة" بأن يعملوا بشكل حر ولحسابهم الشخصي دون أن يواجهوا ظلماً واستغلالاً من قبل شركات أو أفراد، وفق رأيه.
وأضاف في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "نحن الآن تحت مظلة وحماية الاتحاد العام لنقابات العمل".
وزاد بالقول: "الشروط المطلوبة بسيطة، وغير مكلفة، ولا تتعدى الـ 100 دولار مع بوليصة تأمين جيدة جداً، حيث يبدأ مبلغ التغطية من 2500 دينار أردني، في حالة إصابة العمل، ليصل إلى 15 ألف دينار أردني، في كلّ من حالتَي العجز الكلي والوفاة نتيجة العمل".
- أرقام وإحصاءات
عدد تصاريح العمل للسوريين قدرت حتى اليوم بـ57 ألف تصريح من أصل 200 ألف فرصة مستهدفة للسوريين، بحسب ما صرح به مؤخراً للصحافة وزير الصناعة والتجارة، يعرب القضاة.
القضاة أشار إلى وجود "مجموعة من التحديات التي تقف عائقاً أمام زيادة عدد هذه التصاريح، التي تعتبر شرطاً لتطبيق اتفاقية تبسيط قواعد المنشأ مع أوروبا".
وأوضح أن "الحكومة بدأت بموضوع العمالة للوصول إلى الرقم 200 ألف وظيفة للسوريين؛ وذلك من خلال التركيز على أن هناك عمالة سورية في سوق العمل الأردني، وتعمل بشكل غير قانوني"، لذلك لجأت الحكومة- بحسب القضاة- إلى تشجيع السوريين "بإعفائهم من رسوم تصاريح العمل، ثمّ قامت بإعفاء أي عامل سوري عنده مخالفات للعام الماضي".
إلا أن مختصين رأوا أن العمالة الوافدة، مهما كانت جنسيتها، تسبب ضرراً على العمالة المحلية، لا سيما مع ما تمر به البلاد من وضع اقتصادي صعب مع ارتفاع في معدل النمو السكاني.
ذلك ما ذهب إليه الخبير المالي محمد البشير، الذي يرى في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن "العمالة الوافدة، سواء المصرية أو السورية، أثرت على العمالة المحلية، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في ضعف الاقتصاد وعجزه عن توفير فرص عمل للأردنيين".
وشدد على أن "السياسات الاقتصادية التي يضعها فريق اقتصادي ضعيف غير قادر على إدارة الاقتصاد، وتنفيذ توجيهات السلطة هو السبب في ارتفاع نسب البطالة وليس شماعة اللجوء السوري في المملكة".
ويبلغ معدل النمو الاقتصادي في الأردن نحو 2.5%، وفقاً لآخر تقرير رسمي.
ويحتاج الأردن إلى نمو بحدود 7% للمحافظة على مستوى معيشة المواطن وفق اقتصاديين؛ إذ تبلغ نسبة النمو السكاني بين الأردنيين 2.3%، في حين تبلغ نحو 5% بين السوريين.(الخليج اونلاين)