يبدو أن المشهد من شرق آسيا يتصدر الأخبار العالمية لسخونته, فبعد إجتماع أوكوس الثلاثي الذي جرى بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا والدعم العسكري لأستراليا والمتمثل بالغواصات الهجومية التي تعمل بالطاقة النووية, نرى اليوم المناورات الضخمة التي تجريها الولايات المتحدة مع كوريا الجنوبية لتأمين السواحل الكورية الجنوبية ضد أي هجوم قد تتعرض له من كوريا الشالية وخصوصاً أنها قامت بإطلاق صواريخ بالستية قبلها, لتتوسع المناورات وتضم اليابان على ضوء إطلاق روسيا صواريخ فرط صوتية وتحليق قاذفتين إستراتيجيتين روسيتين ?وق منطقة المناورات تلك.
لقد سبق كل ذلك زيادة في تسليح الدول التي تعتبرها الولايات المتحدة حليفة لها في منطقة شرق آسيا وهي أستراليا, اليابان, كوريا الجنوبية إضافة إلى تايوان, فالملاحظ أن هناك حلفا عسكريا أنشأته الولايات المتحدة شرق آسيا ليكون ردعاً ضد الصين إذا حاولت إحتلال جزيرة تايوان وضد كوريا الشمالية إذا فكرت بالإعتداء على جارتها كوريا الجنوبية, إضافة إلى التحرك الدبلوماسي في تلك المنطقة وآخرها إمكانية التوقف للرئيسة التايوانية في الولايات المتحدة عند زيارتها لدول أمريكيا اللاتينية والتي قابلتها الصين بإستهجان وإستنكار, و?لتي إعتبرتها الصين دعماً سياسياً لتايوان ضد ما تراه الصين بشعارها أن تشكل مع تايوان "الصين الموحدة".
كل ذلك نراه والأزمة الروسية- الأوكرانية تأخذ منحى جديدا بالتهديدات النووية ونشر أسلحة نووية تكتيكية على أراضي بيلاروسيا, وقيام أوكرانيا بإستهداف ضواحي موسكو والتي تُعتبر من الخطوط الحمراء التي تستوجب حسب العقيدة الروسية التدخل بقسوة قد تؤدي إلى إستخدام النووي التكتيكي, فبعد زيارة الرئيس الصيني لروسيا أدرك حلفاء أوكرانيا أن النيه تتجه من قبل الصين لتزويد روسيا بأسلحة هجومية قد تُحدث الفارق للفترة القادمة وخصوصاً أن حلفاء أوكرانيا يُعانون من نقص في الذخائر لتزويدها للأوكرانيين,وأن معركة باخموت قد إستنفذ? طاقة الأوكرانيين من حيث صعوبة إجراء أي هجوم معاكس أوكراني على القوات الروسية وقوات فاغنر, فالطريق إلى كييف أصبح ممهدة في الفترة القادمة أمام القوات الروسية, لذلك كان التفكير لدى الولايات المتحدة بتحريك جبهة شرق آسيا أو بما يُعرف بقضية تايوان,عسكرياً من خلال المناورات مع حلفائها, وسياسياً من خلال زيارات الغربيين لتايوان ومرور رئيسة تايوان بالولايات المتحدة, كل ذلك من أجل إزاحة الصين وإلهائها عن أي دور عسكري في مساندة روسيا.
ما نراه الآن في أوكرانيا أنها تتسلم عينات خجولة من الدبابات والتي لن يتجاوز عددها 400 دبابة, فهل تستطيع أن تقف أمام الدبابات الروسية والتي يصل عددها 12000 دبابة, إضافة إلى قدرة روسيا على تصنيع 1600 دبابة في العام, كل ذلك وروسيا تحشد في الأمام أحدث دباباتها من طراز أرماتا ومن طراز T-90 لحسم معركة كييف وبغطاء من السلاح النووي التكتيكي كما توقعت قبل شهر في مقالتي: "كيف تقرأ الصين مشهد الحرب الروسية – الأوكرانية" وبأن روسيا ستستخدم سلاحها النووي التكتيكي من شمال أوكرانيا في معركتها الأخيرة على كييف ولفي? إذا تم إفشال هجومها أو تعدي على الخطوط الحمراء من ضرب أهداف ضمن ضواحي موسكو أو إستخدام الأوكرانيين لأي سلاح نووي خصوصاً ما سمعناه مؤخراً من الذخائر البريطانية ذات النووي المنضب, وقد قامت روسيا بالفعل كما توقعت بنشر سلاحها النووي التكتيكي الإسبوع الماضي على الأراضي البيلاروسية.
إذن الولايات المتحدة تُدير حلفين, حلف الناتو الأوروبي لإسناد أوكرانيا,وحلف الناتو الشرق آسيوي لإسناد تايوان وحلفائها, وكلا الحلفين لردع روسيا والصين.
جميع الخيوط تشابكت والأوراق إختلطت, ننتظر المُبادرات العالمية لإحلال السلام, مع توقعي أنه لن يكون هناك بوادر في الأفق قبل الإنتخابات الأمريكية 2024, وستكون هناك أجواء حرب باردة في منطقة شرق آسيا, وتحرك أوروبي دبلوماسي لحل المشكلة الأوكرانية.