تُعتبر دعوى الاكتفاء بالقرآن الكريم، دعوى غير منطقية ولا يمكن تطبيقها، لأنّ النصّ القرآني المجرّد رغم وضوحه لا يُسعفنا في معرفة الكثير من علوم الارض المهمة.
فحين طالب وزير الأوقاف بعدم إخراج أبنائنا من المدارس العادية والاكتفاء بالانضمام لدور تحفيظ القرآن، وأصر على رأيه فهو محق بموقفه لأن التجارب التي عاشها أغلب أولياء الامور تفيد بأنه لا يمكن الاستغناء عن خدمات المدرسة العادية.
وهنا دعوني أسرد لكم قصة حقيقية، تصب في صالح قرار الوزير وتدعمه،عشتها أنا شخصياً بوزارة التربية والتعليم وكنت شاهداً على أحداثها حين أراد أحد الأقارب إخراج أولاده الثلاثة من المدرسة بعد تقاعده من الجيش وتربية اللحية والانضمام لشيوخ الدين، فالتحق أولاده بدور تحفيظ القرآن الكريم لمدة ثلاث سنوات، ففشلوا في حفظ القرآن، وطلب مني إعادتهم للمدرسة ولكن سنهم كان أكبر من سن الطلبة بالصفوف التي غادروها، ففقدوا فرصة الالتحاق بالمدرسة، وهم الآن دايرين بالشوارع على حل شعرهم، وقد ينحرفوا بأي لحظة إذا ما تهيأت لهم الفرصة لذلك.
فلقد تنبأ الرسول صلى الله عليه وسلم بوجود مثل هذا الصنف المخذول من الناس،الذين يعتقدون أن تحفيظ القرآن الكريم يغنيهم عن العلوم الاخرى،فلماذا يستحيل الاكتفاء بالقرآن الكريم بعيداً عن التعليم المدرسي كما يراه الوزير؟.
لأن أولادنا لا يمكن لهم معرفة معاني مفردات القرآن وقواعد النحو والاعراب إلاّ بمعرفة ومطالعة وحفظ ذلك التراث الضخم الذي نقله لنا علماء الأمة وغيرهم عبر التاريخ.
فالوزير بإصراره على قراره، كان صائبا جداً، لانه يصب بمصلحة الوطن وفيه منفعة كبرى للأجيال ويمنعهم من الضياع.
فالقرآن ليس ضد التعليم، والتعليم في المدرسة العادية ليس ضد القرآن،فكفاكم يا بعض نواب الامة خزعبلات لإثارة الناس لكسب الشعبيات ، ولو على حساب الوطن.