تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بطاقات المراقبين لانتخابات المجالس البلدية واللامركزية, وهناك تفاخر بالحصول على البطاقة يفوق التفاخر بمضمونها الفعلي وكأن الغاية تحققت بالحصول على البطاقة دون الدخول في تفاصيل المهمة الموكلة الى المراقب الانتخابي , فكثير منهم يعلن موقفه الانتخابي ويحث معارفه على انتخاب مرشح بعينه , ولا ادري ان كانت تلك مخالفة حسب انظمة الهيئة المستقلة للانتخاب ام لا , لكنها دون شك خدش للحيادية التي تحملها الصفة التي تحملها البطاقة .
ما نعلمه قبل موجة البطاقات المنتشرة على صفحات التواصل الاجتماعي , ان الرقابة على العملية الانتخابية تمرّ بمراحل قبل الاقتراع ويوم الاقتراع وقديما مرحلة تسجيل الناخبين التي انتهت بحكم التسجيل الازامي , لكن احد لم يراقب جداول الناخبين وحجم الاعتراضات عليها وكم اعتراض تم رفضه او قبوله , فالجداول انتهت واكتسبت الصفة القطعية ولم نسمع من المراقبين شيئا , او للدقة لم نعلم ان كان هناك رقابة من عدمها , فالكل مشغول بالبطاقة المعنية بيوم الاقتراع فقط وبالمناسبة ما هي الاجابات التي جاءت من الهيئة على تقارير المراقبين للانتخابات البرلمانية ؟
امس كان يوما للصمت الانتخابي ومع ذلك تلقيت شخصيا اكثر من دعوة من مرشحين للانتخابات وهناك تجاوزات في الحملة الانتخابية لم نسمع من المراقبين حيالها حرفا واحدا , فهل المقصود بالرقابة فقط سير عملية الاقتراع ومدى يسرها وسهولتها , هذه لا تحتاج الى مراقبين بقدر ما تحتاج الى استطلاع اراء الناخبين بعد خروجهم من المعزل الانتخابي , فالرقابة فعل مستمر من لحظة فتح باب الترشح وحتى اعلان النتائج حسب العلم الانتخابي الذي اطلعنا على قليل منه , وللاسف معظم عمليات المراقبة على الانتخابات تنتهي بنهاية الانتخابات دون اي متابعة او ملاحقة للتجاوزات .
نحتاج اليوم الى تفعيل دور المراقبين والخروج من اطار الصورة المُبتسمة الى الفعل الحقيقي وهنا اتوجه الى النقابات المهنية والاحزاب والجمعيات السياسية التي حصل منتسبيها على بطاقة مراقب , بضرورة ان يقوم كل مراقب باعداد تقريره الخاص ومن ثم تسليمه الى الجهة التي اوفدته وبعدها تقوم تلك الجهة باعداد مصفوفة وتقرير نهائي حسب شهادة المراقبين الواردة في التقرير فانا لست مقتنعا برقابة جهات التمويل الخارجي التي يعتمد تقريرها على رغبة الممول وليست على واقع الحال واعني الجهات المحلية التي يتم تمويلها من البرامج الدولية .
تفعيل الرقابة هو اول خطوة لتعزيز الثقة بالعملية الانتخابية وحتى اللحظة لا يوجد رقابة فاعلة من القوى المجتمعية والنقابية والسياسية , التي تكتفي بتناقل المعلومة دون توثيقها اما بتقرير او بشكوى رسمية , وكل هذا يرفع وتيرة الاحباط ويعزز من رصيد حزب الكنبة يوم الانتخاب , فهذا الحزب ما زال هو الحزب الاكبر والقادر على حشد عشرات الاسباب للاستمتاع بإجازة يوم الانتخاب وانتظار النتائج لتعزيز قراره بالنوم والتثاؤب .
مضمون الرقابة الغائب مثل كثير من المضامين الغائبة عزز الاحباط ورفع منسوب التشاؤم الى حدود غير مسبوقة وباتت مجموعة قليلة من الناخبين قادرة على رسم المشهد الانتخابي بمجمله وهذا يكسر هيبة المجالس وينتقص من شرعيتها ويجعلها ضعيفة في مواجهة السلطة التنفيذية او سلطة الشخص القادم بالتعيين متسلحا بقوة السلطة التنفيذية التي اوصلته الى الموقع والمنصب .
في كل جولة انتخابية نخسر المزيد من الثقة بالعملية الانتخابية وبقدرة الصناديق ودورها في احداث الاصلاح المنشود والمستفيد الطبقة القائمة حاليا والتي نحمّلها في المجالس والمشافهة الصالوناتية كل اسباب الفساد والتراجع دون ان نحمّل انفسنا مسؤولية الجلوس والاستمتاع بطبق المحاشي او سدر المنسف الموصوف ليوم الاجازة .