لو خير كاتب هذا العمود لوضع الاصلاح الاقتصادي والإصلاح الإداري في أول القائمة.
ما يريده المواطن شيئين، أما الأول فهو وضع اقتصادي مريح يوفر له وظيفة ودخلا وعلاجا وتعليما مناسبا.
أما الثاني فهو خدمة حكومية شفافة وعادلة لا محاباة فيها ولا واسطة ولا محسوبية ولا رشى!.
الإصلاح الإداري مثل الإصلاح الاقتصادي والسياسي له أعداء يريدون الحفاظ على الوضع القائم إما لمنفعة أو خوف من التغيير.
الأمر لا يحتاج إلى ثورة بيضاء أو حمراء ولا حتى صفراء، إنما قرار وإرادة تعيد توصيف الإدارة العامة كمهمة وهدف.
كنا نشكو من الأيدي المرتجفة أو الموظفين المسكونين بالخوف والتردد أو من الموظفين الذين يضعون العصي في الدواليب أو من الموظفين المنتفعين من مساوئ البيروقراطيين أو من الموظفين الذين يخدم الترهل فسادهم اما اليوم فنشكو من فئة بالغت في الفساد الاداري وهو ليس بالضرورة أن يكون تلقي رشوة لإنجاز خدمة غير مستحقة، بل حماية مصالح ومكاسب ومواقع.
لا ننكر أن هناك جهازا إداريا كفؤا بني على مدى سنوات طويلة وترسخ منذ بدأت الدولة وهو الذي حمى الإنجازات التي شهدها الأردن وإلا لكانت الأوضاع اليوم أسوأ بكثير, هذه حقيقة تثبتها ونراها كل يوم ونحن ننظر إلى المؤسسات العريقة التي فزنا بها.
الاصلاح الاداري هو استكمال لبناء هذه المؤسسات بجعلها قادرة على مواكبة التطورات الادارية.
يتعين أن نفرق في الفهم بين وصفين الاول يقول قطاع عام متضخم, والثاني يقول قطاع عام مترهل والحقيقة ان القطاع العام وان زادت اعداد الموظفين فيه عن الحاجة ليس متضخما بل هو يعاني من ضعف الانتاجية التي تعاد اليها الروح بالتوزيع الجيد للقوى البشرية وبالمنافسة العادلة.
لا شك أن الأداء الحكومي تأثر بالمزاج العام السائد، لكن الروتين الذي أصاب عموم الموظفين صغيرهم وكبيرهم هو ما يحتاج إلى بحث، وإلا فلا يصح أن نطلب من الموظف العام ان يكون مبدعا..!.
صحيح أن القطاع العام مهمته بالدرجة الأولى رضا متلقي الخدمة وهو المواطن، لكن هذا القطاع العام يحتاج أيضا إلى أن يكون مرتاحا في بيئة عمل مناسبة.
الإصلاح الإداري لا يتوقف على عدد الوزارات والمؤسسات فالأهم هو عدم تعارض مهامها وتقاطع قراراتها وسلطاتها.