مدار الساعة - كتب: محمود كريشان
لا شك أن الأغنية الأردنية في زمن الرصاص والحرب، كانت بمثابة بلاغ حربي وتوجيه معنوي حقيقي، في زمن جميل، كانت فيه الإذاعة الأردنية "هنا عمان" بوصلة أبناء الوطن، حيث ترصد "مدار الساعة" الغناء الجميل الذي نظم كلماته كبار الشعراء، ليكون أغنية فوق شفاه الأردنيين، فرحا بإنتصارات جيشنا العربي الأردني الأبي، في معركة الكرامة يوم 21 آذار 1968
*تخسا يا كوبان..
البداية مع المطربة الكبيرة سلوى العاص التي تألقت في غناء رائعة "تخسا يا كوبان ما انت ولفي إلي"، وكتب كلماتها الشهيد وصفي التل والمشير حابس المجالي، وإستعانا بالشاعر حسني فريز، وتم إحضار عازف المزمار الشهير اللبناني محمود عجروش والحجز له بفندق الأردن لمدة عشرة أيام للمشاركة بالفرقة التي ستعزف الأغنية التي لحنها جميل العاص، وتم تسجيلها بأستديوهات التلفزيون الأردني، وكان مخرج الأغنية حسيب يوسف "بالابيض والأسود" وتقول بعض كلماتها:.
تخسا يا كوبان ما انت ولفي الي/ ولفي شاري الموت لابس عسكري/ يزهى بثوب العز واقف معتلي/ بعيون صقر للقنص متحضري/ نشمي مجيد البأس سيف فيصلي/ مقدام باع الروح.. لله المشتري
*بيرق الوطن رفرف
كما صدحت سلوى العاص عقب إنتصارات معركة الكرامة برائعة الشاعر الراحل إبراهيم المبيضين في قصيدة: "بيرق الوطن رفرف"، وقام بتلحينها جميل العاص وتم تسجيلها في إستديوهات الاذاعة الأردنية، وجاء في بعض كلماتها: بيرق الوطن رفرف/ فوق رووس النشامى/ يوم الملاقي نعرف/ كيف نكيد الخصاما/ حنا يوم الكرامة/ يوم جانا المعادي/ بالعزة والكرامة/ فزنا يوم الجهادي.
*أنا الأردن..
وفي ذروة النصر العظيم تألق الفنان الراحل إسماعيل خضر، في غناء رائعة الشاعر سليمان المشيني "أنا الأردن" وجاء فيها: ضربَ الأمثالَ شعبي بالشّهامهْ/ يحملُ الفاسَ بِساعِدْ/ يرفع الرُّمحَ مُجَاهِدْ/ يتحدّى الهولَ صامِدْ/ صاغَ نَصْرَ العُرْبِ في يوم الكرامهْ..
*فيروز.. قصة فريدة
ونتوقف الآن أمام قصة فريدة في تاريخ الفن والسياسة والإعلام في الأردن، أبطالها: المطربة الكبيرة فيروز والرحابنة، ومدير الإذاعة حينها "وزير الإعلام الأردني الشهير لاحقاً" صلاح أبو زيد، والإذاعتين اللبنانية والأردنية، أما مكتشفها الذي قدمها لنا بعد عقود فهو الزميل الصحفي ممدوح أبو الغنم، الذي كان يُعد بحثاً لمتطلبات الماجستير في الإعلام، وبينما كان في مقابلة في بيت الوزير أبو زيد، مرت على هامش الحديث سيرة أغنية عن معركة الكرامة لفيروز إسمها "قصتنا الكبيرة"، كان أبو زيد يبدي إستياءه من نسيانها، وإستوقف الأمر الزميل الباحث، فأوضح الوزير أبو زيد قصة الأغنية كالتالي: كان "الأخوين رحباني" قد كتبا ولحنا أوباريتا غنائيا خاصاً بيوم الكرامة، وكان يفترض أن يُبث بذكرى مرور سنة على المعركة، أي في 21 آذار 1969، ويتضمن الأوباريت في ختامه اغنية جميلة لفيروز، لكن الظرف الأمني الصعب في الأردن حينها منع الرحابنة من إيصال الأغنية في موعدها، وإتفق أبو زيد مع الرحابنة على خطة بسيطة تحقق الهدف، فقد طلب منهم بالتنسيق مع الإذاعة اللبنانية، أن تُبث الأغنية فجر أحد الأيام قبيل الموعد، بينما يتولى فريق من الإذاعة الأردنية، مهمة إلتقاط الأغنية بأفضل صوت فجرا، من أحد مرتفعات عجلون، وهو ما حصل فعلاً، وبهذا أمكن للاحتفال أن يتم بالصورة المخطط لها، وتقول بعض كلمات الأغنية التي تختتم بها فيروز الأوباريت: ويكتبُ الأردنّ بذهبِ الكرامة.. بالعزّ بالشهامة.. تاريخًا كبيرًا يكتبُه الأردن.. ويُنشدُ الأردن أغنية بهية، حسناء كالحرية، أغنية قدسية.. يُنشدُها الأردن..