أريد أن أكتب عن عيد الأم..
في العالم يوجد: (ماما, مامي, إمي...), في فلسطين لا تشعر بأنهن أمهات, تشعر بأنك في مواجهة كتيبة مدججة بالإيمان, هل تستطيع أن تقول لأم من مخيم جنين (ماما)...؟ أنت أمام لواء مدرع خاض كل المعارك, وظل ينزف حتى آخر رمق لكنه لم يستسلم.أي أم تلك التي تستقبل وليدها الشهيد وتزغرد, وتقبله.. ثم تزفه لمثواه الأخير, وبعد ذلك تتوعد إسرائيل, ومن ثم تعود لواجباتها اليومية... تعود للغسيل ولخرط الكوسا, وتعود من أجل إعداد الطناجر لعائلة تدمل الجرح وتمضي...أنا لا أريد أن أقدم كلاما يقتصر على بلاغة الجملة, وجمال التشبيه.. لكن السينما العربية للأسف لم تستطع للان أن تقدم ولو فيلما واحدا عن الأم الفلسطينية, يشرح للعالم... كيف تفيق هذه السيدة في الصباحات الأولى وتصلي.. وتعلم ابنها أن الأظافر سلاح من لاسلاح له.. حتى مراكز الدراسات العربية للان لم تستطع أن تقدم دراسة عن ثقافة الأم في المخيمات الفلسطينية, مراكز الدراسات العربية تركز على الجندر وعلى حقوق المرأة, وعلى تمكين المرأة, وكم يحتوي سوق العمل على نساء... لكن هذه المراكز لم تدخل مطبخ سيدة من مخيمات غزة وتقرأ ف? وجهها, كيف استطاع ابنها الذي سكن تحت الصفيح وولد تحته على (فرشة) ومخدة اسفنج ومن دون مستشفى, فقط بحضور قابلة.. كيف استطاع أسر جندي إسرائيلي هو في تقييمات الجيوش العالمية يعتبر الأكثر احترافا.في مخيم جنين, الأمهات لا يعرفن معنى (الجندر)... ولو قلت لأم من ذاك المخيم, ماذا نعني بتمكين المرأة.. لصمتت, والأمهات في مخيم جنين.. أطراف أصابعهن خضراء من فرم (الخبيزة).. والمكياج لديهن, مجرد أشياء تشترى ولكن لاقيمة لها... لكن حين تحدث الإقتحامات الإسرائيلية للمخيم, لا تسأل عن معدن الرجال هناك... بل اسأل عن الأرحام التي انجبت حملة البنادق.. هي الأرحام ستجيبك, هي الأرحام وحدها التي تعرف الفارق، بين قراءة الفاتحة والرضى بقضاء الله حين يزف الإبن شهيدا... وبين مستويات تمثيل المرأة في الجهاز الحكومي... هي الأرح?م وحدها التي تخافها إسرائيل, هي وحدها التي تنتج.. من يؤسسون من الصفيح أسطورة, ومن القضية حالة عالمية الكل يتعجب من جبروتها.في يوم الأم ينتج العالم العربي ألف ندوة عن حقوقها, وألف ورشة عمل.. وألف سؤال وتحضر كل سيدات المجتمع.. لكن العالم لم يسأل نفسه يوما, عن نساء المخيمات في الداخل الفلسطيني لم يسأل عن اهتماماتهن... على الأقل في الوقت الذي كانت عواصمنا تمنحنا دراسات مطولة بشأن المرأة, كانت الأمهات في مخيمات غزة ينشغلن بمؤن رمضان وأولها (الشطة).. المرأة في غزة تهتم بصنع (الشطة)... وللعلم اليد التي كانت تصنعها هي ذات اليد التي حملت جنينا وأرضعته, وفيما بعد صار يصنع الصواريخ ويدك بها تل أبيب كيفما شاء ومتى شاء.., على توقيت الأقصى,?ومذاق (الشطة) الغزاوية..على كل حال, في عيد الأم... كل عام ونساء المخيمات بألف خير, عفوا لا أقول نساء سأخطئ بحقهن... بل هن ألوية الله التي تقاتل بالإيمان والرضا والقرآن.Abdelhadi18@yahoo.com