يظهر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش وهو يقف خلف خريطة تضم فلسطين وأجزاء من سورية ولبنان وكل الأردن، في رسالة واضحة حول مشروع إسرائيل الإستراتيجي.
وجود الأردن في خرائط المشروع الإسرائيلي، ليس جديدا، إذ أن الخرائط القديمة للحركة الصهيونية كانت تعتبر الأردن جزءا من إسرائيل الكبرى، التي تمتد إلى مناطق مختلفة، وهذا يفسر زيارة كل هذه الوفود الإسرائيلية إلى الأردن، وأداء صلواتهم في مواقع مختلفة.
هذا الكلام يقال اليوم، لمن يواصلون ذات “النغمة البائسة” حول مخاطر الوطن البديل على الأردن، لأن إسرائيل لا تريد اصلاً وطناً بديلاً للفلسطينيين في الأردن، بل تريد الأردن ايضا، ولا تريد رؤية أردنيين، ولا فلسطينيين، أيضا، وتتمنى لو تبتلع الصحراء أهل الأردن وفلسطين معا، لا ترحيل الفلسطينيين إلى الأردن، التي تعتبر جزءا من المشروع الإسرائيلي الأوسع، الذي تخطط إسرائيل لتنفيذه، خلال العقود المقبلة، إذا تمكنت من تحقيق أوهامها السياسية والعسكرية، وكأن الأردن وفلسطين، بلا أهل وبلا شعوب، تدافع عن هذه البلاد وحياة مواطنيها ومستقبلهم.
جاء ظهور هذا الوزير تحديدا بعد قمة شرم الشيخ الأمنية، وقال في تصريحات له والخريطة وراء ظهره..” لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني هذه هي الحقيقة التي يجب سماعها في البيت الأبيض، الشعب الفلسطيني اختراع لم يتجاوز عمره 100 عام. جدي الذي كان في القدس من الجيل الثالث عشر هو الفلسطيني الحقيقي، وجدتي التي ولدت في تولا منذ أكثر من 100 عام لعائلة من الرواد، فلسطينية. على المرء أن يقول الحقيقة دون الانصياع لأكاذيب وتحريفات التاريخ، ودون الخضوع لنفاق حركة المقاطعة والمنظمات الموالية للفلسطينيين. إن القواعد لها خمس خصائص تحدد الأمة، متسائلا: من كان أول ملك فلسطيني؟ وما هي لغة الفلسطينيين؟ هناك عملة فلسطينية من قبل؟ هل هناك تاريخ أو ثقافة فلسطينية؟هناك عرب موجودون في الشرق الأوسط وصلوا إلى أرض إسرائيل في نفس الوقت مع الهجرة اليهودية وبداية الصهيونية. بعد 2000 عام من المنفى ، شعب إسرائيل يعود إلى دياره، وهناك عرب حوله لا يحبونه. فماذا نفعل؟ إنهم يخترعون أمة وهمية ويطالبون بحقوق وهمية في أرض إسرائيل”.
قبله يخرج أيضاً وزير الامن القومي الاسرائيلي إيتار بن غفير، وبعد قمة العقبة الأمنية ويقول ” ما حصل في الأردن سيبقى في الأردن، و مع كل الاحترام للأردن، سأواصل اقتحام المسجد الأقصى في المستقبل، ودولة إسرائيل دولة مستقلة، وليس عليها وصاية من أي دولة أخرى” قاصدا الأردن.
هؤلاء هم وزراء نتنياهو، وهذه هي جدوى التنسيق الأمني مع الإسرائيليين، وعقد القمم الأمنية، واستقبال المسؤولين السياسيين الإسرائيليين، إذ يتم توجيه رسائل التهديد مباشرة إلى الأردن، ويتم اتخاذ إجراءات دموية ضد الفلسطينيين، من اقتحامات الأقصى، التي سوف تزيد خلال شهر رمضان، مرورا بأحكام الإعدام التي ستنفذ ضد الفلسطينيين، الذين يقومون بعمليات ضد إسرائيل – وكأن من يقومون بهذه العمليات يهتمون بأرواحهم اصلا- وصولا إلى استمرار الاستيطان في الضفة الغربية، بتأثير من القوى اليمينية التي تحكم إسرائيل، وتعبر عن جوهر المشروع الإسرائيلي، وهي ليست جديدة في مركز القرار الإسرائيلي السياسي والعسكري والأمني.
لقد قيل مرارا أننا أمام توقيت مختلف، ولولا الوجود الفلسطيني داخل فلسطين التاريخية حيث يعيش 7 ملايين فلسطيني، لتمددت إسرائيل بقوة الى كل الشرق، لكن هؤلاء هم حاجز الحماية والصد في وجه التمدد الاسرائيلي، والوقوف الى جانبهم بكل الطرق، لا يحميهم وحسب، أو يشكل فضيلة أخلاقية أو وطنية لأحد، بقدر كونه تثبيتا لحاجز الصد الشعبي، وابعاد هذا المشروع عن كل المنطقة المحيطة بفلسطين، والتي نشهد في معظم دولها، تدميرا لشعوبها بشكل متواصل، بما يثبت أن إسرائيل لم تكن لعنة على الفلسطينيين وحدهم، بل على كل جوار فلسطين المحتلة.
لابد أن يتوقف الجميع عند كل ما يقال، وما يجري على الأرض، حيث يستحيل ان نواصل إدارة ردود الفعل، من خلال إطلاق رسائل السلام الناعمة، ومواصلة الاسترضاء والمداراة، لعل إسرائيل تعود إلى الخلف، وتتوقف، خصوصا، ان هذه التصريحات علنية، فما بالنا بما يجري التخطيط له في الغرف المغلقة، على المستوى السياسي والعسكري في إسرائيل؟.