في مطلع شهر مارس الحالي صرح وزير المالية الصهيوني "بتسلئيل سموتريتش" خلال مشاركته في المؤتمر الاقتصادي الذي عقدته صحيفة "ذي ماركر"، قائلاً " قرية حوارة يجب أن تمحى، أعتقد أن دولة إسرائيل يجب أن تفعل ذلك وليس الافراد العاديين"، وهو ما اعتبره البعض تحريضاً صريحاً ومباشراً من مسؤول له صلاحيات كبيرة، حتى لو عاد وتراجع عن تصريحاته على أنها "زلة لسان".
ففي عام 2005 سجل الجيش الصهيوني فشلا ذريعاً خلال "معركة الغضب" في خطته التي وضعت لصد ومنع الصواريخ التي تنطلق من قطاع غزة، مما اضطرهم بعد هذا الفشل الى اعلان خطة " فك الارتباط الأحادية"، والتي تهدف تفريغ المستوطنات ومعسكرات الجيش الصهيوني من قطاع غزة، بالإضافة لأربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية بعدد يقدر ب 8600 مستوطن صهيوني.
في ذلك الوقت، كان "سموتريتش" اليميني المتطرف ومشروع الارهابي المنتظر يترأس حركات التمرد التي رفضت مخطط الاخلاء باعتبارها خطة هزيلة، تسمح بترحيل المستوطنين بسبب أهالي فلسطين الحقيقيين، وهو ما كان السبب الرئيسي في تلك الفترة لظهور الوجه الحقيقي لتطرف "سموتريتش" خلال عملية اخلاء المستوطنات بل وفي وقته تمت مصادرة ٧٠٠ لتر من مادة البنزين وجدت في منزله.
تم اعتقال "سموتريتش" ومكث في المعتقل فترة قصيرة وخرج بكفالة مشروطة، قرر بعدها الدخول في السلك السياسي بتزعمه حركة " راغا فين" اليمينية المتطرفة العنصرية، التي كانت تعنى بملاحقة الفلسطينيين في مناطق الداخل الإسرائيلي في مجال الأراضي والبناء خصوصاً في النقب والمثلث.
وصل "سموتريتش" في عام 2015 للكنيسيت كنائب يميني يتبع لحزب "كوما" أو البيت اليهودي، إذ بدأت صورته بالظهور بعد إقرار مشروع "قانون التسوية" الذي يمنع هدم البيوت الاستيطانية المقامة على أراض فلسطينية خاصة مما يطفو الصبغة الشرعية على الآلاف الوحدات السكنية المبنية بالإجبار في البؤر الاستيطانية غير الشرعية على تلك الأراضي.
في 22 فبراير من العام الحالي، تفاجئ أهالي نابلس باقتحام قوات الاحتلال والشاباك لبلدة حوارة وتحديداً منطقة "القصبة" حيث تم محاصرة منزل يتواجد في داخله 3 شبان فلسطينيين مطلوبين للاحتلال، يشتبه بتورطهم في التخطيط لعمليات قادمة ضد الاحتلال، وبدء الجيش الإسرائيلي بأطلاق العيارات النارية ومحاصرة المدينة بالكامل، مما أدى لاشتباكات عنيفة أدت لسقوط 11 شهيدا فلسطينيا، واصابة 102 اخرين برصاص حي، و300 حالة اختناق.
رداً على عمليات الاحتلال وتحديداً في 26 من فبراير، أقدم احد الشبان الفلسطينيين ببلدة حوارة وتحديدا بالطريق المشترك بين الفلسطينيين والمستوطنين، بإطلاق النار على مستوطنيّن في حادثة هزّت الصهاينة، مما دفع مئات المستوطنين للخروج على حدود نابلس لاقتحام بلدة حوارة واطلاق المولوتوف والزجاجات الحارقة والأسلحة على المدنيين العزل، بل وأشعلوا النار في البيوت والسيارات والمحلات التجارية على اهلها المسالمين، ما أسفر عن استشهاد رجل فلسطيني وجرح العشرات، وشمل الهجوم المناطق المحيطة بحوارة مثل زعترة وبرقين وعصيرة الشمالية، ووصفت هذه الاحداث بالمذبحة الحقيقية على لسان قائد الجيش الصهيوني في الضفة الغربية الجنرال "يهودا فوكس".
وفي ظل الأجواء المتوترة يخرج أعضاء اليمين المتطرف في الكنيست ويتعاطفوا مع الإرهابيين الذين هاجموا المسالمين المتواجدين في منازلهم؛ وكان من ضمنهم "تسفي فوبيل" النائب عن كتلة عظمة يهودية، الذي قال بصريخ العبارة" علينا التوقف عن عدم الرغبة بتنفيذ عقاب جماعي ضد الفلسطينيين لمجرد أن هذا ليس ملائماً لأنواع من المحاكم"، ولم يكتف بذلك بل وغرّد على حسابه في تويتر " أتمنى أن أرى حوارة محروقة ومقفلة"، وهو ما نال اعجاب "سموتريتش" ليخرج بعدها عبر قناة عبرية ويقول: " قرية حوارة يجب أن تمحى" ويظهر "إيتمار بن غفير" في الصورة ويهاجم القضاء والجميع بشكل علني.
"أدرعي" و"بن غفير" و"سموتريتش" و"نتنياهو"؛ الجميع بحقه قضايا تتعلق بالفساد والارهاب، ويفترض أن يكون مكانهم السجن، ولكن احتالوا على العالم بأكمله ليصبحوا وزراء بتحدِّ واضح لجميع الأطراف في إسرائيل؛ فلا يجب أن ننسى التهم الثلاثة المنسوبة لنتنياهو في المحاكم الجنائية والمنظورة حتى اللحظة، وتهم أدرعي بالتهرب الضريبي وتلقيه الرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال، و"سموتريتش" الذي يكيف القانون على مزاجه ليحمي مصالحه الشخصية، أما ايتمار بن غفير المدان والمعتقل لأكثر من مرة في تهم تتراوح بين التحريض والانتماء لتنظيمات إرهابية.
باختصار يعيش الشعب الفلسطيني فترة من أسوء الفترات التي مرّت عليه منذ قيام دولة الكيان الصهيوني في عام 1948، وهذه هي الشخصيات التي يتعامل معها، خصوصاً خلال فترة صعود التيار اليميني المتطرف للحكم بوصفها "الحكومة الأكثر تطرفاً في تاريخ الكيان الصهيوني"، فما قولنا إذا كان هؤلاء هم القادة.. ومستوطنيهم يخرجون بأنفسهم في مظاهرات ضدهم!
برأيي، إذا كان العنف الصهيوني الواقع حالياً هو تشتيت لانتباه الرأي العام الصهيوني الداخلي أو للرأي العام الدولي الخارجي عن العبث الذي يحدث في الداخل الصهيوني، فإن الناتج عبث وسذاجة وإجرام.