.... ماذا مثلا لو أقمنا يوما (لتنشيف الملوخية)؟... الأيام التي نمر بها وتفرض علينا كعطل أو احتفالات رسمية أشعر أنها صارت مكررة ورتيبة: عيد الشجرة مثلا، يوم الأم، عيد الفلنتاين...كل ذلك لا يعطينا همة، ولا دافعية للإنتاج والتفاني.
يوم مثلا لتنشيف الملوخية، وتحت رعاية وزارة الزراعة....ونخرج بنتائج من الإحتفالية تؤكد أن جمعيات نسوية استطاعت تنشيف (40) طنا من الملوخية، بالمقابل فإن ما تم (تفريزه) في الثلاجات تجاوز الـ (50) طنا... وتصدح الإذاعات بأغنية: (إنت ابني وأنا ببني تنعمر لابنك وابني..الوطن بدو سواعد بدو رجال اللي تبني)...ماذا مثلا لو قررنا أن نخصص يوما واحدا في العام كي نحتفل (بالمخلل)، ونخرج أيضا بنتائج على غرار الملوخية تؤكد أن سيدة في قرية نائية استطاعت أن (تكبس) ما يقارب ال(187) مرطبانا...ويوزع إنتاجها على السفارات الأردنية في الخارج، ويبث التلفاز تقريرا مطولا عنها...وتمنح وساما وطنيا.نريد لأيامنا أن تتغير أن يصبح فيها دافعية وهمة وسلوكات انتاجية، نريد يوما (للشطف)...ويقال مثلا أن المواطن عبدالهادي راجي قام بشطف العمارة التي يسكن بها، إضافة لعمارة الجيران، ثم تطور الأمر وشطف عمارات الشارع الذي يقيم فيه، ولكنه حين اكتشف حجم المجهود الذي بذله قرر أن ينتقل فورا كي يشطف عمارات (أم أذينة)...وقد استطاع فعلا أن يدخل موسوعة (جينيس)...بعد ذلك تتعاقد معي شركة (الصقر) لإنتاج (القشاطات) من أجل عمل دعاية حصرية لها....صدقوني أنا لا (أتمسخر) ولكني أريد للأيام أن تتغير، كل أيامنا صارت رتيبة...وصباحاتي صارت مثل ذوبان الثلج على أسطح الرخام،أو مثل عصفورة تاهت...أو مثل شمس قررت التوقف في مكانها واستعصت على الغروب، تخيلوا أن تقرر الشمس التوقف؟...ماذا مثلا لو ابتكرنا يوما، نقدم فيه بعض الوفاء (لسيرف الجبار)..هذا المسحوق كنا في طفولتنا نستعمله لكل شيء، لغسيل الملابس..جلي الطناجر، حتى لغسيل الأيدي..وسيرف الجبار كان رخيصا، أقصد: بمعنى القيمة الشرائية..ولكنه في المجهودات المنزلية كان عظيما...صرت أشك أن كثيراً من الاشياء مستوحاة من وظائف سيرف الجبار في طفولتنا.كانت أمي – رحمها الله- وكلما عدت من العمل أجدها قد غيرت لي (وجه مخدتي).. وعطرته (بالكالونيا)...وحين ماتت وقررت الرحيل، ثم أودعناها تراب الكرك الأغر...تكالبت علي الأيام وصارت تغير ملامح وجهي كل يوم.....أنا كئيب جدا، فقد اكتشفت بعد كل هذا العمر.. أن لا فرق بين وجهي ووجه المخدة...بالمناسبة نحتاج ليوم أيضا نسميه يوم (الكالونيا)...لقد عاش معنا هذا المنتج واستعمله أبي بعد الحلاقة، وأمي سكبته على وجه مخدتي، وجدي حين مات أسرفنا بسكبه على الكفن...حتى أن جروحي تم تعقيمها بالكالونيا...باستثناء جروح القلب التي لم تلتئم بعد....... عبدالهادي راجي حزين، ويحتاج هو الاخر ليوم يسمى باسمه ولن يعيبني أن أشطف فيه جميع عمارات أم السماق وخلدا وتلاع العلي.Abdelhadi18@yahoo.com