أشارت تقارير صحفية إلى أن وزير المياه قد رفض تزويد أحد النواب بالوثائق والمراسلات التي تمت بين الحكومة الأردنية والجانب الإسرائيلي لتحصيل الحقوق المالية، والتي تتعلق بملحق المياه رقم (2) من معاهدة السلام لعام 1994.
وقد جاء الرفض الوزاري مستندا إلى نصوص النظام الداخلي لمجلس النواب فيما يخص أحكام السؤال النيابي، وبالأخص القرار التفسيري الصادر عن الديوان الخاص بتفسير القوانين رقم (2) لسنة 2015، الذي ضيّق نطاق السؤال ليشمل فقط استفهام النائب عن أمر يجهله في شأن من الشؤون التي تدخل في اختصاصات الوزراء، أو رغبة في التحقق من حصول واقعة وصل علمها إليه، أو استعلامه عن نية الحكومة في أي أمر من الأمور، دون أن يشمل السؤال طلب وثائق أو ذكر أسماء أشخاص.إن هذا الحكم التفسيري يعتبر جزءا لا يتجزأ من النظام الداخلي لمجلس النواب، وذلك عملا بأحكام المادة (123) من الدستور التي تنص على أن «يكون للقرارات التي يصدرها الديوان الخاص وتنشر في الجريدة الرسمية مفعول القانون». وهذا ما يجعل من قرار وزير المالية برفض تسليم الوثائق والمستندات لعضو مجلس النواب في محله، ويتفق مع أحكام النظام الداخلي.في المقابل، يثور التساؤل القانوني حول الجدوى من تضييق نطاق السؤال النيابي، وقصره على مجرد الاستفهام عن أمر من الأمور العامة أو الاستعلام من الحكومة عن واقعة معينة، دون أن يثبت للنائب الحق في أن يطلب أي مستندات أو وثائق معززة. فالدور الرقابي لمجلس النواب يفرض على النائب أن يكون مطلعا على كافة الوقائع والأحداث المرتبطة بسؤاله النيابي، وأن يشمل حقه في السؤال الحصول على الأوراق والخطابات المتعلقة بالمسائل التي سيستفهم حولها من قبل الحكومة. فالاستفهام يشمل جمع معلومات والإطلاع على الوثائق والأوراق ذات الصلة.كما أن الشروط العامة للسؤال كما حددتها المادة (126) من النظام الداخلي لمجلس النواب لم تتضمن أي إشارة صريحة تفيد بأنه يحظر على النائب طلب أي مستندات مع السؤال النيابي. فالقيود المفروضة على السؤال النيابي تقتصر فقط على عدم مخالفة السؤال أحكام الدستور، أو أن يشتمل على عبارات نابية أو غير لائقة، أو أن يكون في السؤال مساس بأمر تنظره المحاكم، أو أن يتعلق موضوع السؤال بشخص النائب أو بمصلحة خاصة به أو موكول أمرها إليه.وعليه، يكون الشرط الإضافي الذي قرره الديوان الخاص بتفسير القوانين بعدم جواز طلب مستندات خطية مع السؤال خروجا عن الإطار العام لعمله المتمثل في تفسير النصوص القانونية، وهو الاختصاص الذي لا يشمل تقرير أحكام موضوعية جديدة.وما يعزز من ضرورة شمول طلب الوثائق والمستندات الخطية في السؤال النيابي، أن المادة (69) من النظام الداخلي لمجلس النواب قد أعطت الحق للجان النيابية بأن تطلب من الوزير تزويدها بالوثائق والمعلومات التي تطلبها وتتعلق بموضوع البحث. فإن كانت هذه الوثائق ليست بالسرية، ويلزم الوزير بتسليمها إلى اللجان النيابية، فمن باب أولى أن يقوم بالكشف عنها للنائب في جوابه على السؤال الذي يوجه له. فلا مبرر لإخفاء هذه المستندات عن النائب السائل، الذي قد يكون عضوا في أي من اللجان النيابية، وبالتالي سيطلع بحكم عضويته على الأوراق والمستندات التي يرفض الوزير إرفاقها مع جوابه على السؤال.ومن خلال الإطلاع على الأنظمة النيابية المقارنة، نجد بأنها قد نهجت نهجا مغايرا للقرار التفسيري الصادر، بأن اعتبرت طلب الأوراق والمستندات جزء لا يتجزأ من السؤال النيابي، ويكون الوزير ملزما بتسليمها. فالمادة (200) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب المصري تنص على أن تكون الإجابة عن الأسئلة النيابية كتابة في حال كان الغرض من السؤال الحصول على بيانات ومعلومات احصائية بحته تتعلق بموضوعه. كما حددت المادة (134) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب البحريني مجموعة من الشروط الخاصة بصحة السؤال النيابي، والتي من ضمنها طلب معلومات أو احصائيات تتعلق بموضوع السؤال.وبالعودة إلى القرار التفسيري لعام 2015، نجد بأن الديوان الخاص بتفسير القوانين لا يمانع أن يكون محور السؤال النيابي طلب وثائق ومستندات خطية، إلا أنه قد أفتى بخلاف ذلك لعدم وجود نص صريح على ذلك، واقتصار هذا الحق على اللجان النيابية.لذا، فإن مجلس النواب مدعو اليوم وأثناء مراجعته لنظامه الداخلي أن يعيد الاعتبار إلى السؤال النيابي، وأن يعزز من الصلاحية الرقابية لعضو المجلس المنتخب، وذلك من خلال النص صراحة على إمكانية شمول السؤال لطلب معلومات ووثائق خطية من الوزير، والتي يجب أن تكون متعلقة بموضوع السؤال.* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنيةlaith@lawyer.com
مراجعة أحكام السؤال النيابي
أ. د. ليث كمال نصراوين
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
مراجعة أحكام السؤال النيابي
أ. د. ليث كمال نصراوين
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
مدار الساعة (الرأي) ـ