أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات برلمانيات جامعات وفيات أحزاب وظائف للأردنيين رياضة مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

أبا سامر جزاك الله خيراً فقد كفيت ووفيت


مجيد عصفور

أبا سامر جزاك الله خيراً فقد كفيت ووفيت

مدار الساعة (الرأي) ـ
ينتمي الدكتور عبدالسلام المجالي يرحمه الله، إلى جيل الرواد من أبناء الأردن، الذين تسلّحوا بالعِلم عند بدايات تأسيس الدولة، فقد ولد الراحل الكبير بعد تأسيس الإمارة بأربع سنوات تقريباً، وعند تأسيس المملكة عام 1946م، كان قد انهى مرحلة الدراسة الثانوية وبدأ أولى خطواته في كلية الطب بجامعة دمشق.
هو إذن من الجيل الذي عاش مرحلة البناء والتعب في وطن كانت موارده قليلة بل شحيحة لكن عزيمة أبنائه كانت أقوى من كل الظروف.هذه النشأة ظلت مُلازمة للدكتور المجالي طوال حياته، فكان حريصاً على مقدرات البلد لا يقبل أي تهاون أو استسهال في التعاطي مع المال العام أو الممتلكات، فكان يعرف عنه أنه يُوبخ الموظف الذي ينسى إطفاء الإضاءة بعد مغادرته مكتبه.وفي مذكراته التي أصدرها قبل سنوات توثيق أمين ليس لمسيرة حياته وحياة عائلته الخاصة، بل لحالة الأردن والأردنيين في تلك الحقبة، لترسل هذه المذكرات رسائل توعوية للأجيال الحالية التي تنعم برفاهية وفرها لهم جيل الأوائل بالكد والعرق، ولتبث العزيمة في نفوس شباب العصر الحديث ان الاجتهاد والعمل والعلم أقصر الطرق وأسرعها لبلوغ الهدف التي يضعه كل إنسان لنفسه.لقد كان الراحل العظيم رجل دولة يعي عِظَمْ المسؤولية المُلقاة على عاتق كل من يتولى منصباً عاماً، ولم يكن المنصب بالنسبة إليه وسيلة كسب شخصي، أو جسراً يعبر منه إلى ما هو أعلى لتحقيق الوجاهة.في مسيرة الدكتور المجالي إنجازات كبيرة وكثيرة، لا يمكن لمُبصر أو منصف تجاهلها أو إنكارها، بعض هذه الإنجازات استهدفت مصلحة الوطن العُليا لتعزيز السيادة وصونِها، وهذا النوع من الإنجاز لا يلمس اثره المواطن إلا بعد حين عندما تثبت صحة المقصد وفائدته، وبعضها كان على شكل قرارات تمس حياة المواطنين بشكل مباشر وفوري مثل قراره التاريخي بشمول عائلات العسكريين بالتأمين الصحي في مستشفيات الخدمات الطبية، ولا يخفى على أحد كم كان لهذا القرار من اثر ايجابي استفاد منه ولا يزال الآلاف من أبناء الوطن فضلاً عمّا يبعثه في نفوس ا?عسكريين من اعتزاز بإنتمائهم للجيش والأمن وطمأنينة على صحة عائلاتهم.كان الراحل المجالي رائداً بكل ما تعنيه الريادة من معنى، وكان أيضاً مُتصالح مع نفسه صادق بكل توجهاته فعندما أراد أن يشجع الفتيات الأردنيات للإنخراط بمهنة التمريض لسد النقص في الكوادرالتمريضية اللازمة في المستشفيات بدأ بنفسه فأدخل شقيقته كلية التمريض وارسل ابنته لدراسة علوم التمريض، ما أزال تردد أولياء الأمور في انخراط بناتهم بهذه المهنة وصار لدينا ممرضات مؤهلات وانتشرت بعد ذلك كليات التمريض في معظم الجامعات الأردنية.لقد أدى الدكتور عبدالسلام المجالي واجبه تجاه الوطن والشعب على أكمل وجه، مُحافِظاً على الأمانة بارّاً بقسِمه في الإخلاص، فكان نظيف اليد نزيهاً لا يُفرِّق بين إنسان وآخر، يرفض الجهوية والإقليمية والطائفية، ورحل عن هذه الدنيا راضياً مرضيّاً قانعاً مرتاح الضمير تاركاً لأولاده ثروة لا تقدر بثمن هي سمعة عَطِرة وسيرة مُشرِّفة مُشرقة هي بالتأكيد أعز إرث وصلهم من والدهم العظيم.رحم الله أبا سامر وعوَّض الوطن وأسرته وعشيرته عنه خير العوض، وبارك في عمر أنجاله الأعزاء، وقديماً قيل «من خلَّف ما مات».
مدار الساعة (الرأي) ـ