يعود الشارع السياسي والشعبي للحديث عن مدونة السلوك النيابية ومدى ضرورتها الآن، مع مسار التحديث السياسي الذي يطوّر العمل البرلماني ويؤسس في كل مرحلة لشكل البرلمان وماهيته.
هذه المدوّنة اليوم تعتبر حاجة وضرورة، وذلك كونها تحمل دلالات عديدة بداخلها، وتتضمن مضامين المتعلقة بأُسس الشفافية والنزاهة داخل أحد أهم المؤسسات الدستورية، وهي المؤسسة التشريعية البرلمانية. والعديد من القطاعات المحلية لديها مدونات، وهي حالة مرغوب بها لضمان التنظيم الذاتي، إذن مؤسسة مجلس النواب، ليست الوحيدة في هذا المجال، إضافة إلى إنّ هنالك العديد من المواد في الدستور الأردني والنظام الداخلي للمجلس، إضافة إلى أن هذه التعديلات تأتي لقاء خبرة نيابة تراكمت محليا على مدار أكثر من ثلاثة عقود. الدستور، والتجربة المتراكمة، والخبرة، هي روافد مدونة السلوك المقترحة حاليا، وذلك يأخذنا لعدم وجود مبررات مقنعة لرفض بعض النواب، بل إن بعضهم يصل لحد تعطيل أي تبنّي لمشروع مدونة السلوك، دون مزيد من النقاش حول الجدوى.هنا، وبالإضافة لما تم ذكره، فإنّ على النواب العلم بأهمّية وجود المدونة التي تقوم على أحكام تضبط الأداء والسلوك، وتُعزِّز الفعالية الرقابية والتشريعية، وتعمل على تنظيم العمل البرلماني، فتمنع الأخطاء وتُكرِّس المؤسسية؛ ويكون الفرق الذي سيحدث حينما تحمي صورة البرلمان من أي مظاهر سلبية أو سلوكيات من شأنها الإساءة إلى سُمعة وهيبة مجلس النواب بإعتبارهِ أحد أهم مؤسسات الدولة، وتُعالج الاختلالات التي يشهدها البرلمان من خلال كل ذلك الذي قد يؤثر سلباً على المؤسسة البرلمانية. ومن المهم التنويه إلى أن اللجنة القانونية، من بعض مهامها، بالأصل، وبموجب النظام الداخلي لمجلس النواب الإشراف على تطبيق مدونة السلوك، ودراسة أي مقترحات بشأنها إضافةً إلى دراسة القضايا المتعلقة بحصانة النواب، وإقرار هذه المدونة وتفعيلها سيكون بمثابة تفعيل لمهام جديدة للجنة القانونية بموجب مواد النظام الداخلي. وكمراقب للمشهد، أجزم أن علينا الحديث عن أ المدونة ومقترحاتها بتعزيز ثقة المواطن بمجلس النواب بكثير من جوانبها، وإذا كانت بأُسس العمل والحضور؛ وغيرها من الجوانب للسلوكيات التي يقوم بها النائب فهو القدوة للآخرين وخاصة أنه من يراقب مؤسسات الدولة، كما أنّ المدونة ومسودتها يجب أن تعمل على إيجاد صياغات مُناسبة تُعالِج مظاهر الخلل وتستوعبها، وأن لا تحمل أيّ قيود لا تتناسق مع حرية النائب ودوره، خاصةً بعلاقة النائب مع الجهات الرسمية وقواعده الشعبية.ومن الأهمية أن يكون عمل المجلس مُستقلا ويكمل النظام الداخلي، وأن لا تكون جزءاً منه، فهي ميثاق يحمل قيم المسؤولية النيابية والمساءلة الذاتية.نحن اليوم بحاجة إلى تكريس تقاليد حميدة وتشريعها في العمل البرلماني، والمدونة المنشودة واحدة من أهم هذه الأدوات.فاليوم، الأردن أمام فرصة في تحديث بنيته التشريعية، بعد إطلاق مناخات العمل الحزبي، وعلى هذا المجلس تقع مهام تؤسس لمشهد منتظر، وصياغة علاقة النائب وادواره مع مختلف المؤسسات في صلب عملية التحديث التي نرجو أن نقطف أولى ثمارها قريبا.
مدونة السلوك النيابية.. حاجة وضرورة وليست ترفا
مدار الساعة ـ