امامي خبر يقول إن السيد يوسف العيسوي رئيس الديوان الملكي الهاشمي ،دخل عامه الخامس والستين بالوظيفة العامة ،وهو خبر يستحق الوقوف عنده طويلا ،لانه يقدم دليلا ماديا ملموسا يؤكد على أن عطاء الإنسان لا علاقة له بالسن، وبالتالي فإنه يدلل على خطاء سياسة الإحالة على التقاعد عند سن الستين التي صارت متبعة في بلدنا ، وهي السياسة التي تحرم بلدنا وخاصة الإدارة العامة فيه من الكفايات والخبرات ،ولعل هذا من أسباب تراجعها الذي نشكو منها.
كثيرة هي الأمثلة في بلدنا التي تؤكد خطأ اعتماد العمر خاصة سن الستين معيارا للتقاعد ،فمثلما يدخل العيساوي عامه الخامس والستين في الوظيفة العامة، فما زال دولة الدكتور عبد الرؤوف الروابدة يصلح لحمل لقب البلدوزر لقدرته على العطاء وما زال دولة الدكتور عدنان بدران في قمة عطاءه الأكاديمي ،ومازال دولة الدكتور عبد الله النسور في ذروة النشاط والحضور، رغم أنهم في العقد الثامن من أعمارهم أمدها الله،وقبل أسابيع ودعنا دولة الدكتور عبدالسلام المجالي الذي ظل معطاء رغم بلوغه السابعة والتسعين من عمره،ورحل عنا معالي الدكتور ناصر الدين الأسد وهو يعطي ويشارك بالحياة العامة وقد تجاوز التسعين من عمره ،كل هذه نماذج أردنية تبرهن على صحة مانذهب إليه من خطاء اعتماد السن معيارا للتقاعد ،وهناك على مستوى العالم سيل من الأمثلة الحية التي تؤكد هذه الحقيقة. نعود للحديث عن العيسوي ودخوله العام الخامس والستين في الوظيفة العامة ،لنقول أن كل الذين يعرفونه عن قرب يقولون أنه مازال يعمل بحيوية ونشاط ،لاكثر من من ثمانية عشر ساعة يومياً ،وقد يكون في العقبة صباحا وفي الرمثا بمساء نفس اليوم، بما في ذلك ايام الجمعة والعطل الرسمية، كل ذلك بسبب قدرته على تنظيم الوقت وحسن توظيفه ،الذي عرف به الرجل كما عرف أيضا انه وعلى امتداد سنوات عمله الوظيفي لم يأخذ إجازة إلا مرة واحدة لأربعة أيام بمناسبة زواجه ،وهو من خلال ذلك يقدم لنا برهنا عمليا ،يقول أنك إذا أحببت عملك استمتعت به واجدته،والإجادة طريق النجاح الذي يلفت الأنظار اليك ،وهو ماحصل مع العيساوي ،وكان سببا لانتقاله من القوات المسلحة إلى الديوان الملكي الهاشمي العامر ،حيث دفعته أجادته للعمل بإخلاص إلى سدة رئاسة الديوان،ليحوله إلى بيت كل الاردنيين ،ترجمة للرؤى الملكية،التي يحتاج تجسيدها في حياة الناس إلى رجال أولي همة يقرنون القول بالعمل.