اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

الاحزاب السياسية والحلم المنشود


انس بسام الطوايعة

الاحزاب السياسية والحلم المنشود

مدار الساعة ـ نشر في 2023/03/13 الساعة 17:23
في اللعبة الديمقراطية وفقا لما يقتضيه العلم السياسي فلا بد للانظمه السياسية التمثيلية، ان تضم كل اطياف المجتمع وان لا تحرم اي طيف من حقه في المشاركة السياسية الفاعلة في اختيار صناع القرار واختيار النهج الذي يمثل الطيف الاكبر والذي يحقق الرفاه والعدالة الاجتماعية، فالمشاركة السياسية الشعبية الشاملة والممنهجة ، هي ليست فقط حق سياسي وديمقراطي بل هي الوسيلة المثلى لبناء المجتمعات السياسية المستقرة والمتطورة التي تستجيب لحاجات الاجيال وتشارك في صنع القرار.
ولعل الاحزاب السياسية هي الخيار الاشمل والانجع من اجل الوصول الى مفهوم الديمقراطية الحقيقية وترسيخ معاني المواطنة ، كما تؤدي الاحزاب دورا مهما في العملية الديمقراطية من خلال قيامها على مبدأ الانتخابات الحرة وصنع القرار التمثيلي، كما أنها المؤسسات التي تسمح بتراكم الافكار وتحويلها الى ايديولوجية من خلال وجود الخيارات المتعددة التي تتاح للناخبين وبالتالي تحديد الجانب الذي يمتلك الاغلبية ، ومن ثم تعزيز عمليه صنع القرار الجماعي، ومن الناحية الاخرى، تنمي الاحزاب الثقافة السياسية في اي بلد من خلال الاحزاب المعارضة التي تعارض الحكومات ، وتنقل تظلمات من يمثلها الى الحكومة، حيث تشكل بالتالي حلقة الوصل بين الجمهور والحكومة، وهذا يشكل منافسة صحية بين جميع اطياف المجتمع من اجل تنظيم الصالح العام، ودفع الحزب الحاكم للعمل بشكل اكثر تقدما وموائمة للدولة .
على صعيد الاردن الذي بشكل واحدة من اكبر المفارقات السياسية ، حيث ان الاحزاب تشكلت مع بداية انشاء الامارة في عام (1921)م وكانت اول حكومة اردنية برئاسة ( رشيد طليع) الذي قاد حزب الاستقلال العربي في ذلك الوقت .
ومنح دستور (1952 )م الاردنيين الحق في تاسيس الاحزاب السياسية والانضمام اليها، وتمتعت المملكة في ذلك الوقت بمستوى عال من النشاط الحزبي السياسي وخاصة من الاحزاب الايديولوجية ، ولكن لم يستمر النشاط الحزبي السياسي طويلا، وتوقفت في عام (1958) بعد الأحداث السياسية والمحاولات الانقلابية، التي كان من نتائجها وقف الحياة السياسية الحزبية في الاردن، وتبع ذلك حالة من عدم اللامبالاة اصابت الاردنيين اتجاه الاحزاب وتشكيلها اضافة لحالة الخوف والهلع من الاحكام العرفية والاعتقالات السياسية.
في عام 1989 صدر قرار بوقف الاحكام العرفية وعودة الحياة السياسية الديمقراطية، وبدات الاحزاب بالمشاركة السياسية، لكن تلك الاحزاب عادت جسدا بلا روح، فالمواطن الاردني تشكلت لديه المخاوف العميقة التي تعيق مشاركته السياسية ، كما ان الاحزاب السياسية تشكلت بمفهوم يضمن مصلحة اشخاص وتلبية مطامحهم الشخصية دون النظر للصالح العام ،فاستمر الاردني بشكل عام بالنفور من الاحزاب والانضمام اليها .
والمتامل في الاحزاب الاردنية يصنفها احزابا لا يسارية ولا يمينية ولا مركزية، ولكن يشار للحزب في الاردن بانه اما وطني موال او غير موال ، وبالتالي فان الاردن يمكن وصفه أنه ذو بيئة سياسية متناقضة، فعلى سبيل المثال إن الاسلاميين يمكن اعتبارهم تقليديا بمثابة اليمين المحافظ ،وقد يتحالف مع الاحزاب القومية او اليسارية، ونشير هنا ان احزاب المعارضة او الموالاة ، لم تصل ابدا في الاردن الى سدة الحكم ولم يسبق ان شكل حزب حكومة واغلبية برلمانية.
الفشل السياسي والاقتصادي طوال السنوات الماضية وعدم رضا الشعب الاردني عن الحكومات التي يتم اختيارها بالتعيين، دعا النظام السياسي الى ان يفكر جديا بالتشجيع لعودة النشاط السياسي الحزبي بالشكل الذي يسمح باختيار صناع قرار يمثلون اغلبية الشعب الاردني.
ولقد دعا جلاله الملك عبد الله الثاني بن الحسين في اكثر من اجتماع ضرورة عودة الاحزاب بشكلها الفعال، وتشجيع انضمام الاردنيين لها حتى يضمن المشاركة الفاعلة التي تقود لتغيير المشهد السياسي والاقتصادي الموجود حاليا ، وهذا يخفف كثيرا من الضغط على الدولة عندما تعمل على تسليم مقاليد صنع القرار الى الاحزاب التي تمثل قواعد الشعب الاردني الذي اختارها ديموقراطيا واختار نهجها وبرنامجها السياسي والاقتصادي .
وعلى الرغم من عديد الجلسات الحوارية والنقاشات العامة ، لتشجيع المشاركة السياسية الحزبية، الا ان المخاوف ما زالت قائمة ، ولم تشهد ذلك النشاط الذي ينشد اليه الملك .
فالشاب الاردني ليس من اولوياته المشاركة الحزبية او السياسية بل همه الاول والاخير الحصول على وظيفة او فرصة عمل وان بجد قوت يومه ، بل ان الانطباع السائد لدى الشباب الاردني ان الممارسة السياسية والحزبية ستؤدي به لصعوبات في الحياة العملية والوظيفية.
وهنا نؤكد ان الاحزاب السياسية الأردنية ايجاد خطاب قادر على اقناع الشباب بالانخراط في الحياة الحزبية، والتاكيد لهم ان واقعهم الاقتصادي والسياسي هو نتاج غيابهم السياسي وعدم مشاركتهم صنع القرار.
وللعمل على ذلك لا بد لهم من مراجعة المنهاج التعليمية والتربوية لتكون المدرسة والجامعة الوسيلة الاولى ليتعرف الاردني على حقوقه السياسيةواهمية انخراطه في العمل السياسي والحزبي، ويتحتم على الدولة تفعيل النقاشات السياسية داخل الجامعات الاردنية والتاكيد على حق المواطن الاردني في صناعة القرار وتشكيل الحكومات التي تمثله .
اخيرا ان التحديثات القانونية الاخيرة المتعلقة بتنظيم الحياة السياسية، تدعم مفهوم الديمقراطية الحقيقية والمشاركة الجماعية لتشكيل الراي العام، وخدمة مصلحة الوطن، والتي يجدر بنا ان نستفيد منها من اجل التغيير المنشود.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/03/13 الساعة 17:23