هل قدمنا خلال العقود التي تلت قرار المغفور له بإذن الله الحسين، بتعريب الجيش قراءة استراتيجية لإبعاد هذا القرار ودلالاته والدروس المستفادة منه، وكيف نسترشد به لإتخاذ قرارات مفصليةلعلنا في هذه المرحلة أشد ما نكون حاجة لها.
أول الدروس المستفادة من هذا القرار هي أن القادة العظام لايستسلمون لظروفهم، ولا يتذرعون بقلة إمكانيات أوطانهم، فيستسلمون لواقعهم، لكنهم يتمردون على ذلك كله لتغير الواقع وصناعة واقع آخر لاوطانهم، فلو استسلم الأردنيون ومليكهم لحقيقة أن بريطانيا دولة عظمى، وانها ممسكة بخناقهم اقتصاديا وعسكريا، لما اتخذ قرار تعريب الجيش، ولما تحول جيشنا الأردني إلى دعامة أساسية من دعامات تطوير الوطن وتنميته، ليس فقط من خلال أدائه لدوره الرئيس في حماية امن الوطن واستقراره وهما الأرضية الصلبة لاي تطور سياسي أو اقتصادي....الخ، فقد?تجاوز دور الجيش الأردني ذلك بكثير، عندما تحول إلى مدرسة تعد القادة في كل المجالات، ففي السياسية خرج الجيش قادة سياسيين على ضفتي المعارضة والمولاة، ويكفي هنا أن نستذكر أن قائد الجيش الأمير زيد بن شاكر هو الذي قاد مرحلة التحول الديمقراطى بداية تسعينيات القرن الماضي، ويكفي أن مضر بدران الذي بدأ حياته المهنية في الجيش هو الذي استلم لواء حماية التحول الديمقراطي من الأمير زيد، مثلما كان رئيس وزراء متميز أيضا خاصة في مجال حماية سبل معيشة الأردنيين من الغش والجشع، ومن منا يماري بأن احمد عبيدات الذي تأسس في صفوف ال?يش ليس رمزا وطنياً نزيها، ومن يماري في أن عبد السلام المجالي القادم من مدرسة الجيش لم يكن بانيا منجزا، ومن لا يعترف بأن الرئيس الأسبق لأركان جيشنا عبد الهادي المجالي لم يكن برلمانيا المعيا، وصاحب تجربة حزبية تحترم، والقائمة تطول من القادة السياسيين الذين تخرجوا من مدرسة القوات المسلحة وتميزوا بالانضباط والانجاز، ناهيك عن الكثير من القادة الذين خرجتهم القوات المسلحة في مختلف المجالات، وهذه واحدة من ثمار التعريب ماكان لها أن تنضج لو استسلمنا للظروف والامكانيات.درس آخر نستخلصه من قرار تعريب الجيش، هو أن الخبراء الأجانب لا يصنعون نهضة، ولا يقدمون وصفة مفيدة بدليل النقلة النوعية الهائلة التي حققها جيشنا بعد قرار التعريب، الذي يجب أن نقرأه قراءة صحيحة لنتعلم منه في قادم الأيام.