من المُفرح حقّاً أن تُشاهد الدول والحكومات وخصوصا العربية منها وهي تعمل على استنساخ التجارِب الناجحة في الدولالأخرى التيأثبتت جدواها وحققت الكثير من الفوائد لشعوبها وكانت عوناً وداعماً لمسيرة التنمية والنهضة في مواطنها الأصيلة وهذا لا يعيب أي حكومة تقوم بعمل هذا الاستيراد المحمود بل على العكس فإنه يعبّر عن مدى إنفتاح الدول ومرونة أنظمتها وسعيها الجاد لتحسين طريقة ومستوى عيش مواطنيها وتطوير منظومة العمل فيها كل دولة لها الحق بل ومن واجباتها الأساسية السعي المستمر للتطوير والتحديث وهذا بالطبع ظاهرة صحية لكل دولة تريد النهوض بنفسها كنظام وكشعب لتصل إلى مصاف الدول العظمى في كل المجالات، لذلك كلّفت بعض الدول الساعية للنهضة المتكاملة كافة خبراءها وسخّرت طاقاتها البشرية لإيجاد الحلول للمشاكل التي تواجهها ولتطوير طرق إدارتها لثرواتها ولخدماتها التي تقدمها لمواطنيها ثم جلست هذه الخبرات مطوّلاً وقامت بدراسات مستفيضة لكل مناحي الحياة والسكّان والعادات الاجتماعية وطبيعة الثقافة السائدة والثروات وكل متعلقاتها وجغرافيا الدولة ومؤثّراتها والكثير من الأمور لتخرج بتوصيات منطقية وقابلة للتطبيق لتحقيق نسب مضمونة وعالية من النجاح والتأثير الإيجابي على كافة جوانب إدارة الدولة ولتحقيق الأهداف المرجوة، ثم بدأت مرحلة التجهز للتطبيق قانونياً ودستوريا وقبل ذلك كلة قد تُجرى عمليات استفتاء لإستمزاج آراء الشارع والجمهور والشعب ثم مرحلة التطبيق وبحذر شديد وبخطوات مدروسة مع تزامن التقييم لمعرفة أوجه القوة والقصور ثم إجراء التعديلات الضرورية لتحفيز العملية إيجابيا وباستمرار إنّ عمليات التحديث والتطوير عملية معقدة وطويلة محفوفة بالمخاطر لإنها وبكل بساطة تهدف إلى رفع مستوى الدولة والشعب والنهوض بهم وبقوة لكنها أيضا قد تُطيح بالدولة وترجعها إلى مراحل متأخرة يصعب معالجتها بسهولة إذا لم تكن بتلك الجودة المرجوة لذلك فإن عملية تطبيقها يجب ان تتم برويّة وبدقة لا يجب التواني فيها أو إهمال أي تفصيله من متعلقاتها الدول المستوردة لمثل هذه التجارِب ليس بالضرورة أن تنجح تجاربها إلا إذا كانت مطابقة لظروف الدولة صاحبة التجربة في جميع المجالات وهذا شرط ضروري لإنها بُنيت عليها أو يجب أن تعمل على ترويض التجربة لذلك وجب على الدولة المستوردة اخذ التجربة ثم عمل دراساتها الخاصة بها من قبل خبراء ومختصين وأن لا ينفرد بذلك بعض الشخوص أو الأهواء التي تتمتع بقوة عدم المناكفة مثلما حصل في بعض الدول حيث تم إيكال هذه التجارِب لأشخاص معينين لإدارة المِلَفّ وتوجيه الدولة ومؤسساتها لتنفيذ الأوامر دون أدنى اعتراض بحكم أن هذا الشخص يحظى بالتأييد الكامل من أصحاب القرار ومرجعيات عُليا فينفذ ما يراه صحيحاً دون إخضاع العملية برمتها للتمحيص ولآراء المختصين وحسب الدراسات في العادة تمس هذه التجارِب جميع مناحي الدولة وتتغير لأجلها دساتير عتيدة وقوانين وأنظمة وعادات وتمس في كثير من الاحيان ثقافة المجتمع كمتطلبات للتحديث لذلك فان إدارتها بطريقة عبثية فردية سيحقق نتائج كارثية قد تحتاج الدولة لعقود في محاولة تجاوز نتائجها وإصلاح ما نتج عنها من انحدارات باتت تهدد على الأقل ثبات مسيرة الدول على ما تم بناءه سابقا وقبل وجود التجربة أصلا, لذلك فان هذه التجارِب صُممت وتم ادارتها بنظام الفريق والتشاركية وبنظام الأخذ برأي المختصين لمعرفة جدواها وجدوى نقلها وتطبيقها في غير دولها الأصلية دون وجود أي حالة من حلات التفرد والأوامر المبهمة والغير محسوبة والتي لا تخضع لأي نوع من الرقابة والتقييم