الاجواء الشتوية غالباً ما تعطي للمرء فرصة للتأمل ،واول مايلفت نظر لمتامل من جيلي ،هو التغير الذي طرأ على سلوك الأردنيين في مواجهة الأمطار والثلوج ،فقد صار هطول أحدهما أو كليهما ذريعة لشرائح متنامية من الأردنيين للتملص من التزاماتهم،واولها الذهاب للعمل ،ومن تحصيل الحاصل عدم الذهاب للمدارس والجامعات ، بل وشل الحياة العامة بصورة شبه كلية .
هذا السلوك لم تكن تعرفه الأجيال السابقة من الأردنيين، فقد كان الذهاب الى المدارس تحت "زخ "المطر أمرا عاديا ،وغالبا ما كان هذا الذهاب يتم سيرا على الاقدام ،وعلى شوارع أقل جودة بكثير من شوارع هذه الأيام،التي يذهب بها معظم الطلاب إلى مدارسهم وجامعاتهم بوسائط نقل مريحة تسير على شوارع أكثر جودة من شوارع ايام زمان. هذا التغير في السلوك لدى هذه الشرائح ،هو تجسيد لتغير ثقافي طرأ على مجتمعنا ،فقد تمددت ثقافة الدعة والكسل، على حساب ثقافة الجد والعمل المنتج،وقبل ذلك على حساب ثقافة الاحساس بالواجب والمسؤولية،حيث تمددت ثقافة اللامبالاة في معظم مفاصل مجتمعنا ،فصرنا نعاني منها جميعا ،في معظم مفاصل حياتنا،فعند مراجعتنا لدوائر الرسمية ،حيث المماطلة القاتلة التي تجعل إنجاز معاملة يستغرق أياما ،مع أنه في الحقيقه لايحتاج الا لوقت قصير، لو تواجد الموظف المعني بمكتبه، أوانه كلف خاطره وافهم المراجع ماهي الوثائق والأوراق التي لاتحتاج إليها معاملته قبل استلامها منه ،وقبل أن يطلب إليه مراجعته في يوم اخر،لا لسبب الا لغياب المسألة عن هذا الموظف الامبالي، وليس حال شركات الخدمات ،ومؤسسات القطاعين الأهلي والخاص أفضل من ذلك لأن العاملين فيها هم من نتاج نفس الثقافة ،وبالرغم من اننا جميعا نشكو من هذا السلوك ،لكن غاليتنا تمارسه بمن فيهم اولئك الذين يشكون منه. ثقافة اللامبالاة التي انتشرت في مجتمعنا ،غذت ثقافة سلبية أخرى هي ثقافة الواسطة،فبسبب إحساس غاليتنا بأن معاملته أو حاجته لن تسير تلقائيا ،صار تفكيرنا ينصرف إلى إيجاد واسطة للوصول إلى مانريده،وتفشي الواسطة في مجتمعنا ،هو مدخل من مداخل احساس الكثيرين بغياب العدالة.جميعنا شركاء في صناعة هذا الغياب عندما استلمنا لثقافة الكسل واللامبالاة وعدم الانتاج.