إلى أن تتّضح تفاصيل الإعلان الأميركي المُسربل بالغموض, حول «الجسم» الذي أمر الرئيس بايدن بإسقاطه بعد تحليقه على عُلوٍ مرتفع فوق ألاسكا, الذي قيل في وصفه أن بـ«حجم سيارة صغيرة وشكّل تهديداً للملاحة الجوية", فإن تداعيات «المِنطاد» الصيني الذي أسقطته واشنطن قبل أسبوع بزعم أنه «مُخصص للتجسّس», ما تزال تتوالى على نحو يؤشر إلى احتمال دخولها نفق القطيعة. رغم إدعاء الرئيس الأميركي بأن «بلاده لا تسعى إلى نزاع مع الصين» على ما قال في مقابلة مع قناة «BBS», وإن أضاف في الوقت نفسه أن بيجين «مُقيّدة في قدرتها على مُواجه? واشنطن».
يرمي بايدن قفاز التحدّي في وجه نظيره الصيني, عندما غمز من قناة الرئيس/شي جين بينغ الذي «يُواجِه مشكلات هائلة» بما في ذلك «الاقتصاد الهشّ لبلاده», مشيراً إلى نقطة الضعف التي تعانيها الصين (من وُجهة نظره بالطبع), بقوله: إن الصين «مُقيّدة على مواجهة الولايات المتحدة بسبب حاجتها إلى حماية التجارة الدولية, ما يضع «شي» في موقف لا يُحسد عليه, بل ذهب بعيداً في استفزاز الرئيس الصيني عندما ادّعى أن «شي استخلص العِبر من رد الفعل الغربي القوي ضد روسيا, بما في ذلك فرض عقوبات اقتصادية هائلة عليها»... مُضيفاً أنه «ذكّر» ?ظيره الصيني خلال محادثة هاتفية بينهما في الصيف الماضي قائلاً له: «هذا ليس تهديداً، مُجرد ملاحظة... أُنظر ما الذي حدث لروسيا».الرد الصيني الغاضب وغير المسبوق في حِدته لم يتأخر حيث وصفت بيجين تصريحات بايدن بـ"اللامسؤولة إطلاقاً» على ما قالت متحدثة الخارجية الصينية/ ماو نينغ, مُضيفة «هذا النوع من الخطاب من الولايات المتحدة غير مسؤول للغاية, ويتعارَض مع السلوك الدبلوماسي", مُعلنة أن بيجين غير راضية بـ «شِدّة».وإذ عاد الرئيس الأميركي في «خطاب حال الاتحاد» الذي ألقاه الأربعاء الماضي إلى استفزاز الصين بقوله: «إن الولايات المتحدة لن تسمح للصين بـترهيبها", وإن «الديمقراطية (يقصد الديمقراطية من منظور أميركي) لا تُقهر»، فإن ما يجري من تراشق إعلامي بين البلدين خاصّة بعد إندلاع أزمة المنطاد, التي لا يمكن عزلها عن التوتر الأميركي الصيني الطويل منذ عهد ترمب, وازداد اشتعالاً بعد وصول بايدن, إثر دخول الجمهوريين ميدان التصعيد بالمزايدة على بايدن واتهام إدارته بالضعف، يشي ذلك كله بأن الأمور سائرة نحو مزيد من التوتّر، ليس لـِ ?قناعة» بايدن بأن الصين «لن تنّضم بكل ثقلها إلى روسيا» في دعمها «الخفِيّ» لروسيا، رغم افتراض الجميع، مؤكّداً/ بايدن «أن الوضع ليس كذلك» كما زعم، بل خصوصاً في أن ما تقوم به واشنطن من عسكرة للمحيطين الهادئ والهندي فضلاً عن سلسلة الإتقاقيات والأحلاف التي أقامتها في المنطقة, بدءاً بحلف «أُوكوس» الثلاثي (الولايات المتحدة, بريطانيا واستراليا) مروراً برباعية «كواد» (الولايات المتحدة, الهند, استراليا واليابان), وليس انتهاءً بتوسيع قواعدها الجوية في الفلبين, وتسييرهما دوريات عسكرية في بحر الصين الجنوبي», إضافة إلى د?ول اليابان ميدان العسكرة والمشاركة في النزاعات العسكرية الخارجية, (التي كانت محظورة عليها وتتجنّبها, كما هي حال ألمانيا كونهما هُزمتا واستسلمتا في الحرب العالمية الثانية). ناهيك عن الاحتمالات الواردة بقيام رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري/كيفين مكارثي بزيارة تايوان (كما فعلتها نانسي بيلوسي). مع ضرورة عدم تجاهل مسعى حلف شمال الأطلسي لـ«التمدّد» نحو المحيطين الهادئ والهندي, وهو ما عكسته زيارة أمين الحلف/ستولتنبرغ لكل من كوريا الجنوبية واليابان وقوله في طوكيو: «فكرة أن الصين لا تهم حلف شمال الأطلسي.. فكرة غ?ر عملية».إجراءات استفزازية كهذه وسط مناخات مُحتقنة «قد» لا تترك مجالاً للصين للبقاء فترة طويلة في مُربع «دعوة الولايات المتحدة إلى العمل مع الصين, لدفع علاقات البلدين إلى مسار التنمية المُستقرة» على ما قالت ماو نينغ في ردها على خطاب بايدن عن «حال الاتحاد», مُضيفة أن «على واشنطن أن تنظر إلى الصين بموضوعية وعقلانية، وأن تنتهِج سياسة إيجابية وعملية تجاهها»، وإن كانت (متحدثة الخارجية الصينية) قالت: إن بلادها «لا تسعى إلى تجنّب المنافسة مع الولايات المتحدة ولا تخشاها»، لكنها تُعارِض - أضافت - أن يتم النظر إلى العلاقة ال?ينية–الأميركية بأكملها من خلال هذا المفهوم الوحيد للمنافسة». علماً أنها قالت بداية ردّها على خطاب بايدن: إن بيجين «ستُدافع بحزم عن سيادة الصين ومصالحها وأمنها ومصالحها التنموية».هل تُصغي واشنطن لدعوات الصين؟.... الأيام ستروي.kharroub@jpf.com.jo