لا مفر من أن منطقتنا تقع على صدع تحويلي إنزلاقي توسعي وهو صدع البحر الميت، والممتد عبر البحر الأحمر إلى خليج العقبة فمدينة العقبة ومناطق وادي عربة الجنوبي والشمالي وصولا إلى البحر الميت، فمناطق الأغوار الجنوبية والشمالية...
فنكون بذلك في الأردن جزءا من الصفيحة العربية (مع الجزيرة العربية وسوريا والعراق) والتي تندفع نحو الشمال بحركة إنزلاقية توسعية مبتعدة عن الصفيحة الإفريقية (فلسطين وافريقيا) بحركة مقدارها 9 مم في السنة، وإزاحة قدرت بنحو 107 كم بفعل هذه الحركة عبر ملايين السنوات، والتي تتجمع كطاقة يمانعها إحتكاك كتل الصخور بالأعماق فتحصل الحركة فجأة، وتتكسر الكتل الصخرية العملاقة لذلك منتجة طاقة زلزالية، تتناسب بقوتها مع عمق بؤرة الزلزال ومقدار الطاقة المتحررة والإزاحة. صفيحتنا عنيدة نوعا ما وتناطح في شمال سوريا/جنوب تركيا الصفيحة الأوروأسيوية، وتنتج طاقة تتحرر على شكل زلازل عنيفة مع إزاحات تشير إلى أن الصفيحة نشطة، وتحتاج تحرير بعض الطاقة كزلازل في مواقع أخرى لتكمل رحلتها ومسيرها كجزء من تكتونية الصفائح والقشرة الأرضية... وهذه هي الطبيعة التي أودعها الله تعالى في كوكب الأرض، قال تعالى في مواقع مختلفة من كتابه الحكيم: "وفي الأرض قطع متجاورات، "والأرض ذات الصدع"، "إذا زلزلت الأرض زلزالها"، "يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة" صدق الله العظيم.عاصرت زلزال ١٩٩٥ في العقبة، وكنت مع فريق طلاب الماجستير الذي تتبع ومسح مع أ.د. زهير العيسى آنذاك أثرها على الأرض والبنى الفوقية والمنشآت والموانيء والمباني من العقبة إلى البحر الميت، وقد قدرت تلك الهزة والتي كانت بؤرتها في خليج العقبة نحو 6 درجات، وتبين بحمد الله تعالى أنها مرت بسلام وأن البنى الفوقية والتحتية تحملت وصمدت مع ملاحظات بسيطة بالتصدعات والتشققات في بعض المباني، ومظاهر تميه وتسطحات أرضية في بعض المواقع وملاحظة الأهالي لتغيرات في مناسيب مياه الآبار الضحلة الواقعة قرب البحر خاصة. نحن في العقبة وقرى وادي عربة والأغوار مع البحر الميت نقع على حوض خسفي، يتوسع تكتونيا ويمتليء تباعا بالرواسب القادمة مع الفيضان عبر سلاسل الأودية الشرقية والغربية، وهنالك صدوع نشطة عمودية على إتجاه الخسف (شرق غرب)، مقابل وجود مراوح فيضية كثيرة تتأتي من رواسب الأودية، والعملية مستمرة منذ عشرات ملايين السنوات، وأن عمليات الحت والتعرية المستمرة تنحت صخور وجبال المدن والقرى الشفوية، والتي تنقل مع السيول لتستقر في جسد الخسف، وفي محاضراتي أقدم ذلك لطلابي كمثال واقعي على دورة الصخور في الطبيعة.الزلزالية التاريخية لمنطقتنا وعبر المراجع والكتب كالبداية والنهاية وكتاب سجل الزلازل العربي للبروفيسور الكويتي عبدالله يوسف الغنيم وغيرهاض لم تحدثت عن زلازل ضربت منطقتنا، بينما الزلزالية القديمة التي تستخلص بالبحث العلمي عن التموجات والتكسرات في سجلات الطبقات الصخرية القديمة كرواسب لسان البحر الميت ومقاطع حفريات العقبة، تشير إلى إستمرار حدوث الزلازل وأم بعضها قوي. إذن لخصنا أعلاه ما الذي يحدث علميا... وللإجابة على تخوفات الناس (صحيح بقولوا في زلزال جاي؟)... نقول نعم ستحصل زلازل، وسنشعر بها، وهذا واقع لا يمكن أن يخبأ، ولكن لا أحد ولا أية تكنولوجيا تستطيع تحديد موعد وقوة وموقع زلزال قادم نهاااااااااائيا. الصورة المهمة التي يجب نقلها للجميع هي أن صدعنا ليس تصادمي، وقد حرر كثيرا من الطاقة المختزنة عبر العقود الماضية في عدة مواقع، وهذا يطمئن بشكل أو بآخر، وكل شيء بيد الله تعالى في النهاية. أعود لعنوان المقال، (ما الذي يجب أن نخشاه؟)، وهنا أجيب بأن مرحلة التعافي بعد أي حدث زلزالي لدينا هي الأهم، والتعافي لا أقصد به خطط الإنقاذ والطواريء والجاهزية، بل ما سنحتاجه من جهود وأموال لإعادة الوضع إلى ما كان عليه، وحتى وإن قلت الخسائر... والسؤال هل لدينا خطط جاهزة لهكذا طاريء... الخطة B. المشكلة الأخرى هي أن كل جزء متضرر من البنى الفوقية والتحتية والشبكات إعادة إصلاحه وصيانته مكلفة وتعطله أيضا مكلف. الملفت للنظر هو أننا في مرحلة نسعى فيها لتحديثات سياسية إقتصادية إدارية تحتاجها البلاد لتنهض من ضائقتها، وقد بدأت تعمل، وبتنا أيضا نرى جهود ملكية تحفز قطاعات السياحة والصناعة والزراعة والطاقة والمياه وغيرها، وأننا لا نريد عند أي حدث لا قدر الله تعالى أن نتحول للتعافي فقط فتتخبط الجهود والمؤسسات والقطاعات، مما يتطلب وجود خطة حكومية (الخطة B) بصفة سريعة ومفصلة بسيناريوهات -حدث وتعافي- وإنعاش- وبمستويات مختلفة.
الفرجات يكتب: ما يجب أن نخشاه إن وقع الزلزال
مدار الساعة ـ