مدار الساعة - كتب: وليد الهباهبة
في الوقت الذي تدشن فيه القيادة السياسية مرحلة جديدة من التحديث السياسي والاقتصادي والإداري ، ما زال البحث العلمي الذي يخدم التنمية غائبا عن سياسات الحكومة، بل وتعيق "حالة البيروقراطية" في احيان كثيرة عمل هذ المراكز التي باتت ضرورة من ضرورات الحياة، ومن أهم اسس تطوير وتنمية الأوطان. عالمان وطبيبان أردنيان تدربا وعملا في مؤسسات بحثية شهيرة ومع شركات أدوية عالمية في اوروبا والولايات المتحدة واليابان، وساهما في اكتشاف وتطوير علاجات ولهما براءات اختراع مسجلة، قررا العمل بمنطقة جنوب الاردن في مجال البحث والابتكار من خلال انشاء مركز متطور بتمويل شخصي، يعمل على برامج بحثية لتحديد وتطوير علاجات مبتكرة مثل الجزيئات الصغيرة ومنتجات طبيعية لعلاج الامراض السائدة بالمنطقة ، خاصة امراض المناعة الذاتية والسرطان، بالإضافة الى برامج تدريبية مجانية لصقل مهارات العلماء الشباب في إجراء البحوث ، الى جانب تقديم الاستشارات، وإجراء التجارب الأساسية المجانية لتطوير الأفكار التي يقدمها أبناء المجتمع المحلي.المركز أجرى منذ تأسيسه العام الماضي 2022 عدداً من الدراسات الجزيئية المتقدمة لتعريف علاجات جديدة لأمراض المناعة الذاتية مثل التصلب اللويحي والسرطان وتحديداً سرطان الثدي والقولون، وتوصل الفريق البحثي بعد إنهائه مرحلة التجارب على المستوى الخلوي الى تعريف جزيئين جديدين سيتم تسجيلهما كبراءات اختراع عالمية بعد استكمال التجارب، كما نشر الفريق ثلاثة أوراق علمية في مجلات عالمية مرموقة تحمل عنوان المركز في الأردن .ومع اهمية توجيه البحث العلمي بشكل جاد لعلاج السرطان في الاردن وسط تزايد الاصابات بهذا المرض القاتل، الا ان الجهات المعنية لا تساعد ولو حتى "معنوياً" اجراء اي جهد بحثي يمكن ان يحل المشاكل التي يعاني منها المواطن او يخفف منها، ناهيك عن ضعف الإمكانات، وغياب استراتيجية وخطة تنفيذية واضحة، توفر بيئة مناسبة للبحث العلمي ضمن الإطار الواقعي.إن الاردن اليوم إذا أراد الحراك الصحيح نحو التقدم والرقي وتحقيق الطموح الوطني في مختلف المجالات ، فإنه من الضروري التوجه نحو ترسيخ مفهوم البحث العلمي والإستفادة من الكفاءات والعلماء المتميزين والحفاظ عليهم والاعلاء من شأنهم، وليس بدفعهم للهجرة الى الخارج مجدداً، والابتعاد اكثر عن التفكير العلمي الجاد والتخطيط التنموي في ظل تصاعد منسوب عدم الثقة بالمستقبل.