لا يَخفى على الكثيرين بأن زيارة جلالة الملك حفظه الله إلى الولايات المتحدة الامريكية ذات أهمية كبيرة وتحمل في طيَّاتها ملفات عديدة ومتعددة، تُركّز على البعد الإقليمي والبعد الدولي حيث كان هذان البعدان حاضران بقوة في هذه الزيارة التي رافق جلالة الملك كل من سمو ولي العهد وجلالة الملكة ووفد رفيع المستوى من المختصين، كما تصدّر ملف القضية الفلسطينية والتطورات الأخيرة أولويات هذه الزيارة وتأكيد جلالة الملك على أن ملف القدس يحمل اهتمام خاص عند الأردنيين ويؤكد ذلك دعم من التقى بهم جلالة الملك للوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس الشريف، ولعل التصريحات الملكية من واشنطن حينما قال: القدس بالنسبة للأردن ولعائلتي الهاشمية لم تكن أمراً سياسياً قط، بل ترتبط بهم بشكل شخصي منذ أكثر من مئة عام." تعتبر ركيزة أساسية لكل حوار بخصوص الوصاية الهاشمية وامتدادها وأهميتها عن الأردنيين أجمع والهاشميين بشكل خاص.
ورافق هذه الملفات الكبيرة ملف هام وهو خطة التحديث الاقتصادي التي تركز على أولويات دعم الاقتصاد وتشجيع الاستثمار وضرورة تحريك هذه الرؤية الاقتصادية وتفعيل مرتكزاتها وترويجها أمام المستثمرين المُحتملين من خلال اتفاقيات مشتركة للاستقطاب في مجالات متنوعة تحتاجها المملكة. ومما لا شك فيه أن اللقاء الهام الذي جمع جلالة الملك عبدالله والرئيس الأمريكي بايدن يحمل رسالة كبيرة ويعكس تميّز العلاقات الأردنية الأمريكية، لا سيما وأنه اللقاء الثالث منذ تولي بايدن سدة الرئاسة، حيث كان الأول بواشنطن والثاني في جدة وهذا اللقاء الثالث الذي يأتي الآن بعد نشوء حكومة اسرائيلية جديدة تحتاج لجهود دولية أكبر من أجل التعامل معها ومع أسلوبها المتطرف، ويقود جلالة الملك الجهود الكبيرة في دحض كل الممارسات بإصرار وعزيمة ولا تراجع عن الوصاية بكل تأكيد، كما أن حديث جلالة الملك مؤخراً حينما قال بأن العمل لتحقيق السلام يتطلب من جميع الأطراف الإيمان الصادق بإمكانية الوصول إلى عالم أفضل وأكثر عدالة يعتبر حديثاً يحمل رسالة الأردن في نشر السلام في العالم وأولويات هذا السلام هو السلام في منطقتنا التي تعتبر خياراً استراتيجياً في العالم. نعلم بأن الاحترام الكبير الذي يحظى به جلالة الملك على الصعيد الدولي كان الأساس المتين لتعزيز دور الأردن في المنطقة، وجاء ذلك بعمل دؤوب من أجل توفير بيئة استثمارية مشجعة ومناسبة، ويكون ذلك من خلال عرض الفرص التي يتميز بها الأردن بفضل الميز النسبية والتنافسية التي يتمتع بها وسيضمن ذلك حتماً جذب المزيد من الاستثمارات الحيوية التي تحتاجها المملكة لتكتمل منظومة الخدمات بشتى المجالات. إن التقدّم الذي يحصل في الأردن الجديد وبشكل مستمر جاء بتوازي الخطط الإصلاحية ومسارات التحديث حيث كان مسار تحديث المنظومة السياسية يوازي مسار رؤية التحديث الاقتصادي ورافقهما مسار تحديث القطاع العام، وإسهم ذلك في رسم الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة من أجل العمل على النهوض بالأردن الذي نريد ونطمح به والقادر على مواجهة التحديات القادمة، خاصةً ما يهم المجتمع الدولي من دعم لمشاريع البلدان وأهمها ملف الأمن الغذائي والاقتصاد الأخضر والتغير المناخي وغيرها من القضايا المشتركة التي لا يمكن حلها إلا بالتخطيط السليم للمشاريع القادمة. ختاماً، فإنّ المتانة في الصداقة بين البلدين والقيادتين يجب أن يُبنى عليه بالعمل فوراً، ونتوقف عند التصريح الأخير للإدارة الامريكية أن الاردن أفضل ممثل لقضايا المنطقة وصوت العقل فيها، وهذا يجعل دورنا كما كان دوماً يبرز بشكل أكبر خاصة مع التصعيد الإسرائيلي الأخير والتوترات التي شهدتها المنطقة مؤخراً والجهود التي تُبذل سعياً لعدم تفاقم الوضع على المسار الفلسطيني، فالقضية دوماً هي قضية كل أردني خلف جلالة الملك الوصي على المقدسات الاسلامية والمسيحية، ونسأل الله أن يحمي وطننا وشعبنا الوفي تحت ظل القيادة الهاشمية الحكيمة التي نقف معها دوماً.
زيارة ملكية لأمريكا؛ الاقتصاد والاستثمار أولوياتها وتطورات المنطقة والعلاقات الثنائية
الدكتور محمد عامر الركيبات
زيارة ملكية لأمريكا؛ الاقتصاد والاستثمار أولوياتها وتطورات المنطقة والعلاقات الثنائية
مدار الساعة ـ