تُعتَبر الزيارة الملكية هذه المرة ذات مسالك صعبة، لوجود ملفات مُعقّدة يحملها جلالة الملك إلى الولايات المتحدة مرتبطة ذات بأبعاد محلية وأقليمية ودولية، ودوماً ما تكتسب زيارة الملك لأمريكا أهمية كبيرة نظراً للدور المحوري للأردن في المنطقة والدور القيادي في تعزيز السلام وضمان الاستقرار، إضافةً إلى الشراكة الإستراتيجية بين الدولتين والتقارب بين القيادتين الأردنية والأمريكية.
وهذا التقارب، بحاجة إلى مقاربات، حاول جلالة الملك صياغتها، عبر اللقاءات في دوائر صنع القرار الأمريكية، حيث الكونغرس ولجانه التي تقود السياسة الخارجية، أو تصوغ لواشنطن توجهاتها.لذا انطلق جلالة الملك بلقاءاته بالتركيز على الصعيد الاقتصادي فنحن أمام ملفات الدعم الاقتصادي والتنموي المُقدَّم من أمريكا وتحريك العجلة الاقتصادية واستقطاب الاستثمارات ومشاريع مهمة في المياه والطاقة والأمن الغذائي ويعبر عنها، تأكيد بايدن للملك على دعم واشنطن "الثابت" لأمن المملكة وازدهارها.أمّا على الصعيد السياسي فقد تضمنت اللقاءات والحوارات التي سبقت لقاء الرئيس بايدن عدداً من الملفات المحلية والاقليمية وعلى رأسها بالطبع القضية الفلسطينية، تلك القضية التي تتصدر أجندة التطورات الاقليمية في الزيارة الملكية والعمل على حثّ الإدارة الأمريكية للدخول بشكل أكبر من دون رخاء بعملية السلام والقيام بدور أكبر في المنطقة، خاصة مع وجود رئيس الوزراء الحالي نتنياهو وحكومة اسرائيلية يمينية تحمل في جعبتها عوامل تفجير للمنطقة بأسرها، فهي حكومة يمينية تعمل عمل التيار المعاكس في طرح الاردن لمقاربات السلام، فجلالة الملك يمتلك تجربة مع نتنياهو، وهو خبير فيه وبأسلوبه، ومن يتابع التصريحات الملكية والمحادثات الثنائية التي يقودها جلالة الملك بالزيارة يعلم بأنه يتم الإنصات إليها بكل إمعان، كون أن رأي الملك ورؤيته للإقليم ومشاكله وتحدياته هو طرح واقعي ويمتلك ادوات الاقناع، نظير الادوار الاردنية التي تتبنى نظرة إنسان المنطقة، وسعيه للعدالة، وهذا خطاب من المهم ان يصغي إليه الغرب، ليدرك أن هناك صوتا آخر، وهو صوت عربي يريد السلام في المنطقة، ولكنه السلام القائم على العدالة لا القوة والصلف اليميني. ولعل تصريح الرئيس الامريكي بعد لقائه بجلالة الملك أنه يشيد بدور الأردن والملك عبد الله الثاني في استقرار الشرق الأوسط يوضّح أن أهم الحلول لتلك المشاكل هو أن يستمر التعاون الدولي المشترك لمواجهة أي مخاطر مشتركة تهدد عملية السلام، ولهذا السبب تضع الولايات المتحدة الامريكية القضية الفلسطينية على جدول أعمالها وعدم تهميشها في سياستها الخارجية، وهذا ما تحدث به الرئيس الامريكي بايدن بلقائه مع الملك وهو يؤكد دعمه "القوي" لحل الدولتين في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني " وهذا يوضح حتماً الأهمية في بحث آليات التعاون لتعزيز الاستقرار الإقليمي وخفض التصعيد بالأراضي الفلسطينية، وسيسهم تكرار الزيارات وتفعيل الدبلوماسية الأردنية في الخارج التفعيل المؤكد للدور الأميركي بالسلام في فلسطين قدر المستطاع.إننا اليوم مطالبون بالتفكير لمرحلة ما بعد الزيارة الملكية، تحديداً بالتفكير حول الآليات التي من الممكن أن نحقق نتائج على أثرها سواء في الجانب الإقتصادي والسياسي من خلال حلول داخلية وعلاجها، وهذا يمنحنا فرصة للقيام بدور أكبر في المنطقة بعد ترتيب البيت الداخلي الأردني، وثم الإنطلاق لمنظومة إقليمية ودولية، أساسها وضوح الموقف الأردني وثباته حول القضايا التي تهم المنطقة برمتها وعلى رأسها القضية الفلسطينية والوصاية الهاشمية على المقدسات الدينية في القدس، ونشهد بأن هذا الموقف لم يتغير أو يتبدل بل ازداد صرامة وحزم، فهو الملك الوصي الذي قالها بوضوح في كلمته في فطور الصلاة الوطني في واشنطن أمام قيادات سياسية أمريكية: " بالنسبة للأردن ولعائلتي الهاشمية لم تكن القدس أمراً سياسياً، بل ترتبط بهم شخصياً" فلندعم هذا الحراك النشط الذي يقوده الملك ونبني على الجهد الملكي لبناء أُردن قوي ومستقر وثابت، يعود لمحوريته وقوته في القضايا الإقليمية والدولية بشتى المجالات.
سلطان الخلايلة يكتب: الزيارة الملكية إلى واشنطن.. ملفات هامة وأجندة مزدحمة
سلطان عبد الكريم الخلايلة
سلطان الخلايلة يكتب: الزيارة الملكية إلى واشنطن.. ملفات هامة وأجندة مزدحمة
مدار الساعة ـ