البارحة سمعت في إذاعة محلية عن (التفكير خارج الصندوق), فقد قالت إحدى المذيعات في إطار مدح زميل لها: إنه مبدع يفكر خارج الصندوق..
بصراحة أنا لا أفهم معنى هذه الجملة، لماذا مثلا لم يقولوا التفكير خارج الحمام...فأنا غالبا ما أفكر في القضايا المهمة والمشاكل المستعصية داخل الحمام, لماذا اختاروا الصندوق..؟ وهل التفكير داخل صندوق يعني الغباء؟.. أنا لا أفهم من يأتون بهذه المصطلحات؟مع أن والدي كان يقول دائما: (الله يستر إذا عبدالهادي فكر)... فقد كانت لي محاولات أثناء الجامعة مرتبطة بتخفيف فواتير الكهرباء, واتذكر أن صديقا (كهربجي) علمني كيفية سرقة الكهرباء دون أن تمسك من قبل الشركة, وفكرت ومنحني بعض النصائح المتعلقة بمد (سلك) مباشر من العامود... وفعلت كل ذلك, لكن حين قررت وصله بالساعة.. احترق نصف المنزل.. مع أني وقتها كنت أفكر من فوق العامود وليس من خارج الصندوق.هل الأغبياء هم الذين يجلسون داخل صندوق معين ويقومون بالتفكير؟.. يبدو أن السبب في اتخاذ القرارات غير الموفقة يكمن في أننا نفكر داخل الصندوق، مع أني أعرف كل الوزارات في الأردن ولم أشاهد صندوقا واحدا...باستثناء صندوق تبرع لدعم مركز الحسين للسرطان..هل هذا هو المقصود بالصندوق؟أنا أفكر في الحمام، كثيرا ما أفكر فيه...وفوق السطح، وأفكر حين أجلس في المقهى، واتعمق بالتفكير مطولا..أثناء الارتماء على (الفرشة) بعد تناول (مقلوبة الباذنجان)...ولا يوجد في منزلنا صناديق خاصة بالتفكير، يوجد صندوق للغسيل توضع فيه الملابس المتسخه...من ابتكر هذا المصطلح وروجه في الإعلام، اجزم أن لديه أزمة صناديق...اشك أنه عمل مهربا، وأراد مثلا أن يقوم بتمرير البضاعة خارج الجمرك دون أن يخبأها في الصنادق..ولأن تفكيره كان منحصرا في (الحشيشة).. وهي–بالطبع- مخبأة في صندوق...ولذلك ابتكر مصطلح التفكير خارج الصندوق...ربما استدل على عجلات الشاحنة، ربما خبأها تحت (الشادر)...مشكلتنا ليست بالتفكير داخل الصندوق أو خارج الصندوق..مشكلتنا هي أن اختصرنا الأوطان في صناديق، حتى الأحلام صارت مجرد صناديق.Abdelhadi18@yahoo.com