صحافة المناسبات، وهو مصطلح وليد، وقد يتداخل مع مصطلح قديم لكتاب وصحفيي التدخل السريع.
والمصطلح الاخير بدأ ينقرض ويتلاشى ويعوض عنه بجماعة السوشل ميديا ليقوموا بادوار التدخل السريع، والمواكبة الحثيثة لزمن السرعة والتكنولوجيا الرقمية.و صحافة المناسبات، تبدأ من كتابة مقال في مدح جاهة وعطوة، وصلحة عشائرية، ومقال مدح في رئيس بلدية وشيخ عشائري، وشيخ جامع،و مقال مديح في دكتور جامعة ومذيع تلفزيون، رئيس حكومة ونائب، ووزير وامين عام ومدير عام، ورئيس مفوضية .. والخ..صحافة المناسبات ذهب ضحيتها الصحافة الملتزمة والرزينة والمسؤولة، وذهب ضحيتها صحفيون غسلوا مهنتهم وعقموها احتراما وعرفانا بجدوى المهنة في زمن اليوم طغت به اقلام وعواميد المناسبات والمديح.مقالات تنشر في مواقع اخبارية وصحف، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وكتاب مقالات المناسبات سرعان ما يبرقون في ارسالها على الواتس ومجموعات الواتس اب، وفي اليوم الواحد احدهم يصرف مقالين وثلاث مقالات في مدح فلان وعلان.و تلقى صحافة المناسبات تفاعلا قويا، واسر لي صديق ان مسؤولين يتابعونها، واحيانا يلجؤون الى وسطاء سريين لكي تكتب عنهم مقالات ثناء وتمجيد ومديح، ويوزعونها على الواتس اب، ويلتقون مع كاتب المقال ويتصورون معه، وينشرون الصور على الفيسبوك ويعلقون عليها بكلام طري ورخيم وكلام مكرر يصلح لكل زمان ومكان.و يشاركون توزيعها واعادة نشرها على جروب العائلة والعشيرة، ويوصون الاقارب والمحاسيب باعادة نشرها وتوزيعها باوسع قدر ممكن.. مشاركتها على الفيسبوك ونثرها على جروبات الواتس اب.قبل ايام قرأت مقالا على موقع اخباري، كاتب المقال يمتدح مسؤولا، وفي نهاية المقال يبدو ان الكاتب خربط في مسؤول ثان، واستبدل معلومات عامة عن المسؤول الاول بواحد اخر.و فضولي الصحفي دفعني الى الدخول لجوجل، والبحث في ارشيف الكاتب العبقري الكبير، وتبين ان المقال منسوخ « كوبي بيست « عن مقال سابق منشور قبل اسابيع يمتدح مسؤولا اخر.والكاتب الكبير ياختصار شديد يقوم فقط بتغيير الاسماء، ويكمل المقال كما هو باخطائه الاملائية والنحوية والتركيبية.. ويرفع وينصب ويجر بالاسماء والافعال، وكما لو ان القراء والاشخاص المكتوب عنهم لا يفقهون من اللغة حرفا وكلمة .مهنة الصحافة لربما الوحيدة لا تعرف في خطاياها وعثراتها وذنوبها لمن توجه السؤال عن المحاسبة والمساءلة.. وتوجه سؤالا مؤلما وموجعا عن مهنة تحولت لصحافة المناسبات والمديح، واشبه ما تكون للردح، واحيانا يتم توجيه هؤلاء لكي يهاجموا الكاتب الفلاني الملتزم والمهني لانه انتقد مسؤولا فلانيا، ولانه انتقد الحكومة والبرلمان وانتقد قرارا وسياسة رسمية عامة.في مهنة الصحافة المسافة بين المدنس والمقدس صفرية.. ولطالما كنا في الصحافة ضحايا للمدنس، وكم دفعنا ثمنا لمواقفنا وارائنا الحرة والمهنية.. ودفعنا من قوت عيشنا فاتورة الدفاع عن قيم الاعلام المهني والمتلزم، والوقوف في خندق قيم الحرية والعدالة، والكرامة الوطنية، وهيبة الكلمة والحبر، والورق.