رغم «الهزّة» التي أحدثتها العريضة/الرسالة التي قام بتوقيعها 100 مُؤرخ يهودي, يخّتصون في «تاريخ الشعب اليهودي» ويعملون في الجامعات الإسرائيلية والأميركية, تم نشرها وتداولها على نطاق واسع, داخل كيان العدو وخارجه, كما لقيت اهتمام ومتابعة وسائل الإعلام والدوائر الأكاديمية والسياسة والحزبية الصهيونية, خاصة تحذيرهم بأن «حُكم نتنياهو يُشكّل خطراً وجودياً على إسرائيل», وهو/الخطر الوجودي.. «مُصطلح» دأب ساسة العدو وقادة مؤسساته العسكرية/والاستخبارية على استخدامه بل حصرِه «خارجياً», أي في ما يمكن أن يأتي من الأعداء ا?خارجيين.
سواء تمثّل ذلك في الديموغرافيا الفلسطينية في الداخل والشتات, أم في قوة وإمكانات الجيوش العربية واحتمالات توفّرها على أسلحة نوعية ومتقدمة وبخاصة نووية. ناهيك عن حصره «الآن» في البرنامج النووي الإيراني بهدف دحر القضية الفلسطينية إلى أسفل جدول الأعمال، بل حتّى إخراجه نهائياً على القاعدة التي كرّرها نتنياهو قبل يوم أمام وزير الخارجية الأميركية/بلينكن وقوله: إنّ علاقاتنا مع جيراننا الفلسطينيين ستكون قابلة «للحل» بعد أن يتمّ تطبيع العلاقات مع الدول العربية. وهو ما عمل عليه «بنجاح» من أسف منذ وصوله إلى الحكم في 1?/ 6/ 1996 وخصوصاً في سنواته التسع الأخيرة المتواصلة منذ عام 2009 حتى العام 2021, وها هو ماضٍ قدماً في المسار ذاته.ما يجب التنويه به والإشارة إليه قبل الإضاءة على ما جاء في مذكرة/عريضة المئة مؤرخ يهودي المختّصون في تاريخ «الشعب اليهودي», هو ضرورة الانتباه إلى أنّ ما ورد في تلك العريضة كما في الشعارات التي رفعها معارضو حكومة نتنياهو خلال «مظاهرات السبت» المستمرة منذ نحو أربعة أسابيع (كل يوم سبت), هو الغياب المُطلق والمقصود لأي يافطة أو شعار عن «السلام» مع الفلسطينيين. تتساوى في ذلك أجنحة اليسار كما اليمين والوسط، ما يؤكد من بين أمور أخرى, هو أن ما يعني جمهور المستوطنين الصهاينة في فلسطين هو مصير «دولتهم» ومستقبلها كدولة?«يهودية/ديموقراطية»، أما حكاية السلام فـَ«متروكة» بيد السياسيين سواء كانوا على شاكلة/نفتالي بينيت وحليفه الذي يقود المعارَضة الآن/ يئير لبيد, أم عندما عاد تحالف الفاشيين الجدد بزعامة نتنياهو بأجندته العنصرية, الاستيطانية/الإحلالية التي لا ترى في سلطة الحكم الذاتي في رام الله شريكاً حتى لـِ«حوار» يحمل طابعاً سياسياً أم حتى كلقاء عابر يمكن أن يُؤخذَ على نتنياهو أنّه ذهب فقط لالتقاط الصُور.ما علينا..جاء في رسالة المؤرخين اليهود «المئة» ما يلي: انّ حكومة نتنياهو بـ«وضعها خطة لإضعاف جهاز القضاء «إنّما تُشكّل خطراً على وجود إسرائيل والأُمَّة الإسرائيلية».. إذ أنّه - أضافوا - منذ تشكيل دولة إسرائيل، جاء إليها «المُهاجرون» لثلاثة أسباب أساسية:1) لأنّهم فرّوا من المُلاحقات.2) لأنّهم سَعوّا إلى تحسين وضعهم الاقتصادي.3) لأنّهم بحثوا عن «مكان» يمنح حياتهم مضموناً وجودياً وشعوراً بالانتماء».. ثمّ خلصوا إلى نتيجة تقول: «تخضع جميع هذه الأهداف للتهديد حالياً», مُستطرِدين.. و«الوزراء الذين يتّهمون الجمهور بهجوم ضد ?كمهم، ويُهدّدون مواطني الدولة الذين يخرجون للتظاهُر، يشكّلون خطراً على طبيعة الحرية من الملاحقات».تفكيك النص/الاقتباس السابق يُظهِر بوضوح النزعة الاستعمارية/الاستيطانية في خطاب المؤرخين, الذي يستبطِن ما دأبت الحركة الصهيونية على ترويجه قبل النكبة الفلسطينية وخصوصاً بعدها لتكريس «شرعية» الاحتلال, فضلاً وخصوصاً عن «طمس وجود سكان أصليين في فلسطين». وهو ما تجلّى في الأسباب «الثلاثة» التي زعم المؤرخون العنصريون هؤلاء أنّها كانت هدفَ «المُهاجرين» عندما قدِموا لـ"إسرائيل».وإذ أشار هؤلاء إلى أنّه «عندما يُهدِّد الحكم مواطنيه (يقصدون اليهود فقط) بسحب حقوقٍ في المساواة وبمُحاكمة نزيهة، فإنّ النتيجة - أضافوا - التي لا يمكن منعها بإصلاحات قضائية... هي تغييب التكتّل الاجتماعي وشعور الإنتماء, ليحلّ محلّها شعور بالاغتراب والعداء، كما أنّ - استطردوا- الإصلاحات المُقترحة تُهدد الاقتصاد الإسرائيلي أيضاً». فإنّهم - المؤرخون - حذّروا من أن «الإتفاقيات الائتلافية وتقسيم مسؤوليات وزارة الأمن/الدفاع بين ثلاثة وزراء (غالانت، سوترتش وبن غفير) من شأنه أن يُعيد إسرائيل إلى فترة الميليشيات الصه?ونية المتناحرة (يقصدون الهاغاناة والإيتسيل) قبل عام 1948».فهل ثمة حِكمة في الرهان على إمكانية حدوث تحوّل في سياسات حكومات العدو الصهيوني سواء تفكّك الإئتلاف الفاشي الذي يقوده نتنياهو؟, أم ذهبت إسرائيل إلى إنتخابات «سادسة» قد يأتي بعدها إئتلاف هجين صهيوني يستنسِخ تجربة إئتلاف الثنائي لبيد/بينيت؟.kharroub@jpf.com.jo