الدول مثل الافراد لأن من يقودونها أفراد وبشر وخاصة في أمتنا عبر التاريخ القديم والحديث، وكلما ضعفت مكانة المؤسسات في اي دولة كان تأثير السلوك والخلق الفردي كبيرا، فإن كان الخلق رفيعا مترفعا كانت الممارسات كذلك، والا كانت الغيرة والحسد وماينتج عنهما من مؤامرات وزعل وحقد وامور اخرى.
وفي مسافة ليست بعيدة في التاريخ اي خلال القرن الماضي مثلا كانت بعض العلاقات العربية تقوم على الاحضان والكلام العام الجميل لكن بعض الزعماء وخاصة ممن كانوا يعتقدون انهم يصلحون قادة لكل الدول وانهم نعمة ارسلها الله تعالى للأمة مع انهم فشلوا في ادارة دولهم وجلبوا لها كل انواع الهزائم والفشل، كان البعض من هذا النوع لا يتوقفون عن محاولات بناء الاتباع تحت عناوين العروبة ومصلحة الامة وكانوا يعملون باجتهاد لتغيير الحكم هنا او هناك عبر اتباع في عالم السياسة والعسكر في الدول الاخرى.نعم كانت بريطانيا ومن بعدها أميركا ترعى بعض الانقلابات في عالمنا العربي لكن جزءا من هذه الانقلابات كان يتم بتخطيط من دول “شقيقة”، والدافع توسيع النفوذ والرغبة في معاقبة حاكم دولة عربية اخرى.وحتى قضايا الامة الكبرى مثل فلسطين فإن البعض لم يترك وسيلة لاستغلالها في تحويل حقده وروح الانتقام وتوسيع النفوذ، ولهذا فان مراجعة الاحداث في منطقتنا منذ الخمسينيات الى نهاية القرن الماضي مثلا تخبرنا عن حروب واسقاط انظمة وعبث في دول عربية بل واشعال نار الفوضى فيها لاسباب لاعلاقة لها بمصالح الامة وعزتها وكرامتها! بل هي نتاج تنافس بين اشخاص او رغبة في توسيع النفوذ.والتاريخ يكرر نفسه في اي جزء من العالم اذا تشابهت المعطيات، ودائما في كل مايجري علينا ألا نبحث اولا عن الاسباب المهمة والمرتبطة بمصالح الامة والشعوب فربما تكون الاسباب مرتبطة برغبات واسباب من انواع اخرى.من يدرس التاريخ السياسي للاردن مثلا يدرك كم هي عدد وحجم محاولات الاستهداف والتآمر من اقليمه، وكم عملت دول في اقليمنا لتغيير بنية الاردن تحت عناوين تبدو سامية وكبرى لكنها لم تكن اكثر من رغبة في اسقاط الاردن او إلحاقه ببلد آخر وقيادة اخرى من باب التبعية لحكم آخر في الإقليم، وقيل بحقه كل التهم التي اكتشفنا بعد تقلب التاريخ انها كانت لدى مدعي حمل قضايا الامة، وحتى عندما تتغير الدنيا لا تزول فكرة الغيرة والتحريض السلبي لأن الدوافع ما زالت كما هي.