هذا ما نقلته قناة NBC الأميركية عن «مذكرة» جنرال في سلاح الجو الأميركي اسمه مايك مينيهان قام بإرسالها إلى مرؤوسيه, يشير فيها إلى أن بلاده ستدخل حرباً مع الصين خلال عامين. وإذ حصلت القناة على نسخة من «الوثيقة» التي جاء فيها أن الجنرال «يأمل بأن يكون مُخطئاً رغم أن حدسه يُخبره أننا سنقاتل في عام 2025»، مُتهماً الصين بأنها «ستُحاول استغلال الإنتخابات الرئاسية الأميركية في عام/2024 لفرض سيطرتها على تايوان", فإن المتابع للمسار المُتوتر والمُعقد الذي تسلكه العلاقات الأميركية/الصينية، لا يُفاجئ بما ورد في مذكرة ا?جنرال الأميركي, الذي قيل إنها مُوجّهة إلى"جميع قادة الوحدات القتالية في سلاح الجو الأميركي, وفيها يطلب من مرؤوسيه كذلك إبلاغه بحلول «نهاية» شهر شباط الوشيك, بنتائج العمل المُتّخذ في نطاق الاستعداد للأعمال القتالية مع الصين. ما يدفع للتساؤل عمّا إذا كان الجنرال المذكور يمتلك صلاحيات كهذه؟، خاصّة وقت أكّد فيه ممثل القيادة الجوية الأميركية لقناة NBC «صحّة المذكّرة» واصفاً إيّاها بأنها «مذكّرة داخلية حقيقية من الجنرال مينيهان».
ليس عفوياً توقيت الكشف عن المذكرة أو مُجرّد سبق صحفي حقّقته القناة الأميركية، خاصّة أن وزير الخارجية الأميركي/بلينكن يستعد للقيام بزيارة للصين يومي 5 و6 شباط، وُصِفتْ بأنها إشارة إلى تخفيف مستوى التوتّر بين رئيسيّْهما خلال اجتماعهما على هامش انعقاد قمة G20 في منتجع بالي الاندونيسي، وأن مباحثات بلينكن في بيجين «ستكون مبنيّة على المناقشات التي دارت بين بايدن وشي بشأن الملفات المُختلفة, هادفة إلى إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع الصين", على ما قالت مُتحدثة الخارجية الأميركية/هالة غريط مؤخّراً. علماً أن زيارة بلي?كن المُقبلة ستكون الأولى لوزير خارجية أميركي إلى الصين منذ تشرين الأول 2018، عندما التقى وزير الخارجية السابق/بومبيو نظيره الصيني/ وانغ يي في بيجين (الذي لم يَعد الآن وزيراً للخارجية, بعد أن خلفه في الموقع/تشين غانغ السفير الصيني في واشنطن والموصوف بـ"الذئب المُقاتل» لأنه لا يتوانى عن انتقاد الغرب بشدّة).ملفات عديدة تعكّر صفو العلاقات الصينية/الأميركية, يقف في مقدمتها ملف تايوان الذي أوصلَ العلاقات بينهما إلى ما قبل المواجهة المباشرة, خاصة بعد زيارة رئيسة مجلس النواب (السابقة) نانسي بيلوسي تايوان. علاقات قد تزداد تعقيداً رغم زيارة بلينكن الوشيكة، إذا ما أصرّ رئيس مجلس النواب الأميركي الجديد/الجمهوري كيفن مكارثي, على زيارة تايوان خلال الربيع المقبل, على ما أعلنَ هو شخصيّاً. ما سيُسهم من بين أمور أخرى في تقويض جهود إدارة بايدن على تخفيض التدهور المُتدحرح في علاقات البلدين, بافتراض حُسن نيّات واشنطن.أضف إلى ذلك ملف التجارة بين البلدين, خاصّة بعد رفض إدارة بايدن رفع العقوبات التجارية التي فرضها الرئيس السابق/ترمب على الصين. دون إهمال «صفقات» الأسلحة الأميركية إلى تايوان, وآخرها اعتزام واشنطن بيع نظام مضاد للدبابات لها. في وقت لا يتردّد فيه وزير الخارجية الأميركي/بلينكن في القول بأن «هناك انخفاضاً في التوتر مع الصين", مُعبراً عن «قلقه» حيال تايوان خاصّة إزاء محاولات بيجين لعزل الجزيرة, التي تواظب الصين اعتبارها جزءاً من أراضيها, لافتاً/بلينكن إلى سلسلة المناورات العسكرية التي يقوم بها الجيش الصيني (مُعت?ِداً) أن الصين «قرّرت أنها لم تعُد تشعر بالإرتياح للوضع الراهن في الجزيرة».زيارة بلينكن ستحظى باهتمام ليس فقط صينياً أميركياً بل عالمياً, خاصّة في شأن الإنتقادات الأميركية التي لم تتوقّف إزاء موقف الصين من الحرب الأوكرانية, والإتهامات التي توجهها أطراف اميركية عديدة وبخاصة في الكونغرس للدعم الذي تقدمه الصين لروسيا, وارتفاع مستوى التنسيق والتبادلات التجارية بينهما, ودعوة واشنطن بيجين لاتّخاذ موقف واضح إزاء ما يحدث في أوكرانيا. لكن الصين التي كانت أعلنت على لسان وزير خارجيتها السابق/ وانغ يي انها تدعم بـ «حزم الجانب الروسي، للتغلب على الصعوبات والقضاء على التدخلات الخارجية, وهي مست?دّة لتعميق التبادلات التجارية مع روسيا على جميع المستويات».في الخلاصة.. ستضع الصين ملف تايوان معياراً ومُختبراً لـِ"النيات» الأميركية في شأن تخفيف التوتر بينهما، إدراكاً منها ان واشنطن «لم تزل ترى في الصين التحدّي الأساسي والأكثر منهجية» في حين أن (روسيا تُشكّل تهديدات خطيرة للمصالح الحيوية للولايات المتحدة في الخارج وفي الوطن) على ما جاء في وثيقة استراتيجية الدفاع الوطني التي أعلنها «البنتاغون", والتي/الوثيقة أضافت «إن التحدّي الأكثر شمولاً وخطورة للأمن القومي الأميركي", هو «المساعي الصينية العدائية القسرية والمُتزايدة لإعادة تشكيل منطقة المحيطين الهندي والهادئ و?لنظام الدولي, لتُناسِب مصالحها واختياراتها التسلطية».kharroub@jpf.com.jo